لا شك أن الطباعة في مبدأ أمرها لا سيما في بلاد المسلمين ما تعتمد على الفهارس التفصيلية للآيات والأحاديث والأماكن والفرق والرجال والمصادر وغيرها، في البداية كان المؤلفون الأوائل لا يعتنون بذلك بل يقصد بعضهم أن لا يضع لكتابه فهرساً من أجل أن يقرأ الكتاب كله، ويذكر عن ابن حبان -رحمه الله- أنه لما ألف كتابه (الأنواع والتقاسيم) جعله على ترتيبٍ غريب لا يدركه أكثر الناس، فقيل له في ترتيبه هذا فقال: من أجل أن يقرأ الكتاب كله، فإذا وجدت الفهارس الميسرة لا شك أن الطالب سوف يكتفي بها، ولن يراجع الكتاب كاملاً، ولن يتعب نفسه في تصفح الكتاب، ولا شك أن مثل هذا يختصر الوقت إلى حدٍ ما؛ لكنه مع ذلكم يعود الطالب على الكسل والتواكل، الاتكال على غيره، ولذا كانت الثورة على الكتابة، كتابة الحديث في أول الأمر، والخلاف الموجود ثم استقر الأمر على الكتابة ونسي الحفظ، ثم بعد ذلكم خرجت أو ظهرت الطباعة وكان الناس يعتمدون على الخط، من احتاج إلى كتابٍ نسخه، أخذ في نسخه الوقت الطويل؛ لكنه استفاد كثيراً حينما نسخ الكتاب، كتابة الكتاب مرة واحدة عن قراءته عشر مرات، لما خرجت وظهرت الطباعة ثار العلماء حولها، حصلت ضجة؛ لأن لا شك أن مثل هذا يعوق عن التحصيل إلى حدٍ ما، ثم بعد هذا ظهر بعد ذلكم بعد الطباعة الفهارس ثم الحواسب وكلها عوائق عن التحصيل، كلها مما يعوق عن التحصيل، الآن إذا أردت أن تبحث عن حديث في صحيح البخاري، كونك تتصفح الصحيح وتصل إلى الحديث بنفسك، أولاً: أنت في أثنائك بحثك وقفت على عشرات الأحاديث، الأمر الثاني: أن الحديث في مثل هذه الحالة يرسخ في الذهن؛ لأنك تعبت عليه، أما حديث تضغط زر ويطلع لك الحديث تشوفه وبعدين تطفيه، مثل هذا ما يرسخ في الغالب، نعم هو يسعف في المضائق، في وقت الضيق يسعف، خطيب ما بقي عنده وقت، وبحاجة إلى هذا الحديث ما عنده وقت يبحث عن الحديث ويخرجه من مصادره يعتمد، لا بأس، مدرس يعني بقي على درسه شيء يسير وما أشبه، المقصود أن مثل هذه لا يعتمد عليها في التعلم، وإن كان يستفاد منها عند ضيق الوقت، لكن الإشكال أن الناس مخلدون إلى الراحة، يعتمدون عليها في كل شيء، وهذا لا شك أن فيه ضرر