هنا أيضاً حاشية السندي على النسائي، ومؤلفها أبو الحسن نور الدين ابن عبد الهادي السندي ثم المدني المتوفى سنة ثمان وثلاثين ومائة ألف، جاء في مقدمتها: "وبعد فهذا تعليق لطيف على سنن الإمام الحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر النسائي -رحمه الله تعالى-"، يقول: "يقتصر على حل ما يحتاج إليه القارئ والمدرس من ضبط اللفظ، وإيضاح الغريب والإعراب، رزق الله تعالى ختمه بخير، ثم ختم الأجل بعد ذلك على أحسن حال" آمين يا رب العالمين، ثم ذكر شرط النسائي، وأنه يخرج أحاديث أقوامٍ لم يجمعوا على تركهم، "إذا صح الحديث بالاتصال لإسناد من غير قطعٍ ولا إرسال"، ثم نقل عن النسائي قوله: "لما عزمت على جمع السنن استخرت الله تعالى في الرواية عن شيوخٍ كان في القلب منهم بعض الشيء، فوقعت الخيرة على تركهم"، ولذلك ما أخرج حديث ابن لهيعة، وإلا فقد كان عنده حديثه ترجمةً ترجمة، يعني جميع أحاديث ابن لهيعة عند النسائي ومع ذلك تحاشى التخريج عنه، وإن خرج له أبو داود والترمذي وغيرهما.
السندي من منهجه في التعليق يشرح الترجمة ويبيّن مراد النسائي وهذه ميزة، لكنه باختصار لا يترجم للرواة، ولعله اكتفاءاً بما في شرح السيوطي، يتكلم على فقه الحديث بشيءٍ من البسط، البسط المناسب لواقع الكتاب، وإلا فالكتاب في جملته مختصر أكثر من كلام السيوطي؛ لكنه لا يستوعب الأقوال ولا يستدل لها، ويرجح رأي الحنفية غالباً؛ لأنه حنفي المذهب، يشيد بالمؤلف –النسائي- ودقته في الاستنباط، ودقة تراجمه كثيراً، وعلى كل حال فالحاشية تعتبر مكملةً لشرح السيوطي، وهي أبسط منه، وقد طبعتا معاً مراراً.