الدين فان الدنيا مزرعة الآخرة فلو استقدروا أعمارهم فيها لما حصلوا على عشر عشير منها مع ملابسة أمور الدنيا فلكل عمل رجال والقاطع للشغب في هذه المسألة ان النبي صلّى الله عليه وسلم يأتيه اجلاف الأعراب وأغمار الناس من الرعاة، وأهل البادية، فيسلمون على يديه. وكان يكتفي منهم باعتقاد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولم يكلف أحدا منهم معرفة الجواهر والأعراض. فلو كان شرطا واجبا عليهم لأمرهم بذلك فان هذا مقام في الدين عظيم لا يسع جهله.
والمعتزلة حيث يشترطون معرفة الجواهر والأعراض فيحكمون بتكفير عوامهم ولا يوجد عامي مسلم في ديارهم في عسكر مكرم وخوارزم وسائر بلاد المعتزلة، ونعوذ بالله تعالى من هذا الاعتقاد.
اعلم أن كرامات الأولياء حق وأصحاب الحديث مخصوصون بهذا دون غيرهم. والدليل عليه كلام عيسى صلوات الله عليه في المهد كرامة لأمه لأنها لم تكن نبية وان اشتبه على بعض الفضلاء أن مريم كانت نبية يدل عليه أنه لا خلاف بين المسلمين في أن الله تعالى لو فعل مع وليه في الآخرة هذه الكرامات كان جائزا فكذا في الدنيا ووجب