هم أصحاب عشرة آلاف دينار، وأعلم انك لو أردت أن تجرب نفسك في ترك ولاية أو نجرع غصص واختيار عزلة لعصت ولو تشفعت إليها بجبريل وميكائيل وكل ولي وزاهد لم تجب حتى تتشفع إليها بالجوع فحينئذ تطيعك وتتسلى عن الشهوات واللذات وتتذكر الأبيات:

أراك على البطالة لا تبالي ... حلالا كان كسبك أم حراما

وتقطع طول عمرك بالتمني ... وبالتسويف عاما ثم عاما

ولو علم الخلائق سوء فعلي ... لما ردوا على مثلي سلاما

وأعظم مصيبة تنزل بالانسان عبادة نفسه فمن ابتلى به قسا قلبه ولم يخرج عن متابعة الهوى ومن كان متابعا للهوى كانت النار له مأوى ومن جزع في المصائب فقد أرغم القضاء والقدر، كما قيل: لا أرضى بالقسمة ولا أشكر على النعمة ولا أستغفر من المعصية ولا أصبر على المحنة فأين حقيقة العبودية؟ قال: الشعبي اني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات، أحمده إذ لم تكن أعظم مما هي، وأحمده إذ رزقني الصبر عليها وأحمده إذ وفقني الاسترجاع لما أرجو فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015