وقال آخر: دخلنا الدنيا مضطرين، وعشنا متحيرين، وخرجنا كارهين.

ومن صحب الدنيا على جور حكمها ... فأيامه محفوفة بالمصائب

فالدار دار قلعة ومنزل رحله فمقاساة المكاره في الدنيا ضروري.

ومن عادة الأيام أن صروفها ... إذا سر منها جانب ساء جانب

هي الضلع العوجاء لست تقيمها. وكيف لا، والآدمي مذ دخلها في هدم عمره ونقصان رزقه لا يتنفس فيها نفسا إلّا بنقصان من بدنه، رؤي بعض الكبار وفي يده كاس دواء يتجرعها فقيل: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت في دار البليات أدفع الآفات بالآفات من الذي أذاقته الدنيا كاس حلاوة ولم تجرعه كاسات هموم وغموم؟ وفي الخبر أن طينة آدم عليه الصلاة والسلام، أمطر عليها تسعا وثلاثين سنة من المحن والبليات وسنة واحدة من الرحمة، فذلك إشارة وتنبيه أن أولاده ما لم يتجرعوا أربعين غصة لم يروا راحة. يا ساداتي واخواني أوائل العمر مرّة وآخره عبرة، ولما أراد موسى كليم الله أن يودع الخضر فقال: يا أخي أوصني فقال:

يا موسى في كل شيء خلقه الله بركة سوى خلة واحدة لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015