تعاطاه الحسد وفعل بنفسه وكفى الله المؤمنين القتال، وأما منفعة الدين للمحسود فانه أصبح مظلوما من جهة الحاسد وقد يتعدى الحسد إلى اللسان والمعاملة فتؤخذ حسناته غدا وتعطى للمحسود، أو تنقل سيئات المحسود فتوضع في رقبة الحاسد، فانظروا يا معاشر الرؤساء إلى هذه المعاملة التي هي السوأة السوأى أراد الحاسد أن يضر المحسود ويزيل نعمته فقد أضر بنفسه وأصبح ذليلا مهينا فقيرا مفلسا كحمار يطلب قوته فجدعت أذناه، أراد أن يضربه فضرب نفسه أو أن يبطش به فأخذ بإذن نفسه، هو في راحة وهذا في عذاب، وقد ظن في نفسه انه عدو المحسود وصديق نفسه فإذا هو صديق عدوه وعدو نفسه (تبت يدا صفقة قد خاب شاربها) ومثال الحاسد مثال من يرمي حجرا الى عدوه فينكسر الحجر فأصاب العين اليمنى من الرامي فاشتد غضبا فرمى ثانيا فعاد إلى عينه اليسرى فعمي بسبب نفسه فرمى ثالثا فعاد وشج نفسه هكذا يرمي ويعود إليه والمرمى إليه جالس بالسلامة يضحك عليه. أما العلاج العملي فان يقلع عن نفسه أسباب الحسد من الكبر والعجب والعداوة ومحبة الجاه والمال ويقوم بمخالفة الحسد ويثني على المحسود في غيبته وهذا مركب شنيع لا يستعمله إلا العظماء ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015