أن تتخذ قرارًا سفيهًا مثل هذا. ولذا فإن شعبًا لم يفارقه العقل لا يبدد الجهود والأعمال التي تمت على أيدي أسلافه وإنما يتقدم إلى الأمام مضيفًا إلى الأعمال السابقة أعمالًا جديدة لم يتح للأولين أن يقوموا بها وهكذا لا يزال يتقدم بخطى حثيثة في ميدان الكمال والإتقان" (?).
إن الفقهاء الأوائل بشرٌ ما في ذلك شك، ولا يعني ذلك أن ما قالوه فهو خطأ يجب اطراحه. أو لسنا أيضًا بشرًا فما الذي يجعل لنا فضلًا عليهم؟ إن فقه الأولين فيه الخطأ والصواب وكل ذي عقل يري أن ما كان صوابًا قبلناه وما كان خطأ طرحناه.
وإذا كان تقسيم الشريعة إلى شريعة الله وشريعة الفقهاء له إيحاءات خاطئة، فالأفضل منه أن يجعل ذلك التقسيم أكثر تفصيلًا، حتى يكون أكثر بيانًا ووضوحًا وقد قسم الإمام ابن تيمية الشريعة ثلاثة أقسام (?): شريعة منزلة وهي القرآن والسُّنَّة، وشريعة اجتهادية وهي ما توصل إليها عن طريق الاجتهاد، وشريعة محرَّفة وهي التي يظن أنها من الشرع وهي محض انحرافات. فالشريعة الاجتهادية تتعدد الآراء فيها في المسألة الواحدة ونقبل ونرفض منها بحسب الأدلة، أما الانحرافات والتحريفات فمرفوضة كلها.
من مبادئ العصرانية تقسيم الدين إلى ثوابت ومتغيرات وقد تناول مفكروها هذه القضية بالبحث في المسيحية واليهودية (?) والإسلام (?). ويشرح الدكتور معروف الدواليبي هذا المبدأ في مقال له بعنوان: "النصوص وتغير الأحكام بتغير الزمان" فيقول: