على مستوى روحي وفلسفي عميق بين الإسلام والمجتمع الغربي.
مظاهر النفور:
ما يجده الإسلام منفرًا في ثقافة الغرب هو بصفة أساسية غياب الإيمان، إلا أن هناك أشياء كثيرة جدًا يرفضها الإسلام في المجتمع الغربي المعاصر ومنها الأنانية الفردية للمجتمع الغربي المدمرة للعائلة والأمة في النهاية، ومن مظاهر ذلك الانغماس في الجنس والإباحية الحيوانية. ويبدو أنه ليس في إمكان الغرب أن يعمل إلا القليل لهذه الميزات السائدة في مدنيته لجعل المسلمين أقل نفورًا منها، ما لم يعد الغرب إلى ينابيع إيمانه.
وهكذا إذا لم يتمكن الغرب من تغيير عيوبه، ماذا يستطيع الإسلام أن يفعل في مجال التكيف والتأقلم؟ يبدو هذا الاحتمال أكثر مدعاة للأمل، عندما ينظر المرء في تلك العناصر الموجودة في الإسلام، والتي تلقى الاعتراض من المجتمع الغربي. ويبدو أن هناك ثلاثة من هذه العناصر وهي عناصر قانونية واجتماعية، ولذلك فإنها على ما يبدو قابلة للتغير، وليست مسائل عقدية حتى لا تقبل التعديل. هذه العوامل الثلاثة المثيرة للاعتراض من جانب الغرب هي موقف الإسلام من المرأة، والعقوبات الشرعية للزنا والسرقة، وتحريم الربا.
وموقف الإسلام من المرأة لا يثير اعتراض الغربيين المعاصرين فحسب، بل وأي امرئ يؤمن بالقيمة الإنسانية للفرد، أما منع الربا فيمكن الروغان حوله، وحتى العقوبات يمكن إبعادها بتفسيرات أخرى، ولكن لا يمكن أن يكون هناك مهرب من الحقيقة الجلية، وهي أن الإسلام يضع المرأة التي تكون نصف البشرية في مرتبة ثانوية، وخاصة في مسألة تعدد الزوجات وسهولة الطلاق والتمييز في الإرث. وكل ذلك منصوص عليه بدقة واضحة في السورة الرابعة من القرآن التي عنوانها (سورة النساء)، وفي هذه السورة هناك تأكيد على المساواة الروحية بين الرجال والنساء، ولكن هناك تأكيد أيضًا أن هذه المساواة ليست أساسية {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]، وفي هذه السورة أيضًا نص على عدم المساواة في الإرث حيث للذكر مثل حظ الأنثين، وليس للأرملة أكثر من ربع ميراث زوجها. وعندما جاء النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بهذه الأحكام في الجزيرة العربية في القرن السابع، وكان هو نفسه يتيمًا، فإن هذه الأحكام كانت جريئة وإنسانية،