وهنالك أسباب عديدة طويلة الأمد وقصيرة الأمد تستلزم أن يواجه العالمان الإسلامي والغربي بعضهما البعض، فعلى الأمد الطويل هناك حقيقة التماس الجغرافي بين المدنيات والدول، فكما بين الأفراد فالجيرة نادرًا ما أنتجت روح جوار طيبة، وهناك شمولية الإسلام إذ لا يوجد فرق بين "المسجد" والدولة ولا فرق بين ما لله وما لقيصر. وفي المدى القصير هناك ما يسمى في الغرب "الإسلام المتطرف" وينظر إليه باعتباره مثيرًا للنزاع والجدل وبخاصة بعد ازدياد القوة الاقتصادية الجديدة للبلدان المنتجة للنفط (ومعظمها بلدان إسلامية)، وبعد فرض العقوبات الشرعية مثل الجلد والرجم في باكستان وغيرها، والدعاية التي أعطيت لهذه الأحداث في وسائل الإعلام الغربية، وأيضًا بعد الضجة التي أثيرت حول أحداث إيران، والتأثير الأوسع نطاقًا للثورة الإسلامية في إيران.

فهل هناك أية إمكانية لتفاهم متبادل بل ولاتفاق حقيقي؟

كان الغرب يتساءل لماذا لا يستطيع الإسلام أن يتقبل روح العصر؟ ويقترح النقاد الغربيون إعادة النظر في الإسلام من خلال المفاهيم المعاصرة، وآخر صيغة حديثة مقترحة هي ضرورة تجديد الإسلام وربطه بحاجات العصر الراهن. وهكذا فإن أكثر الغربيين جدية يتساءلون ببساطة (لماذا لا يستطيع المسلمون أن يكونوا مثلنا؟).

(نعم، لم لا؟) كان هذا الجواب الإسلامي الأول قبل حوالي قرن على تحدي العالم الغربي الذي كان عندئذ في كامل قوته. وبناء على الافتراض الذي ثبت الآن زيفه، بأن القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية الغربية، هي امتداد لقوته الروحية والفكرية، نظر المسلمون المتعلمون في ذلك الوقت إلى مجتمعاتهم التقليدية، وهي مهزومة وتسيطر عليها القوى الغربية، فقرروا أنهم والإسلام متحجرون ومتخلفون ويعيشون خارج العصر. ولم تكن المسألة بالنسبة لهؤلاء المتعلمين مسألة ما إذا كان ينبغي على الإسلام أن يكيف نفسه مع القرنين التاسع عشر والعشرين، ولكنها كانت كيف وإلى أي مدى وبأي سرعة يجب عليه أن يفعل ذلك. وبسبب انطلاقهم من هذه الفرضية الانهزامية لم يصل المفكرون المسلمون الأوائل أمثال الأفغاني وعبده ورضا، الذين نشطوا بين (1875

طور بواسطة نورين ميديا © 2015