تعريفات وخطوات للإصلاح:
تلك لمحات تعطي فكرة عن تشابه خطى التجديد في الكاثوليكية والبروتستانتية، ونقدم هنا بعض تعريفات للعصرانية لكتاب إنجليزي بروتستانتيين، تزيد الحقيقة السالفة تأكيدًا ووضوحًا. يقول أحدهما (برسي جاردنر) (Percy Gardner): " إن العصرانية (Modernism) مبنية على التطور العلمي والمنهج النقدي التاريخي، وإن أهدافها ليست هي طرح وإلغاء حقائق الدين المسيحي، ولكن ما ترمي إليه هو إنعاش هذه الحقائق وتجديدها، على ضوء المعرفة النامية، وإعادة تفسيرها بطريقة تلائم ظروف العصر الثقافية". . . ويقول آخر (فرنون ستور (Vernon Storr): " العصرانية هي تلك المحاولات التي تبذلها مجموعة من المفكرين لتقديم حقائق الدين المسيحي في قوالب المعرفة المعاصرة. . . إننا الآن لا نركب المركبات التي تجرها الخيول، ولا نلبس ملابس أجدادنا، ولا نتكلم لغتهم، ولا نؤمن أن الأرض هي مركز النظام الشمسي كما كانوا يؤمنون، فلماذا في ميدان اللاهوت نكره على أن نفكر بعقول العصور البالية. . . الويل للكنيسة التي تغمض عينيها فتعمى عن رؤية نعمة المعرفة الجديدة" (?).
ولعل في تطور حركة العصرانية في إنجلترا ما يعطي نموذجًا من خطواتها العملية في الإصلاح (?). فقد أدى ازدهارها هناك إلى تأسيس اتحاد للعصرانيين في عام (1898 م) سمي اتحاد رجال الكنيسة المعاصرين (The Modern Churchmens Union) وكان شعاره "من أجل تقدم الفكر الديني الحر"، وكان من نشاطات هذا الاتحاد بث المفاهيم العصرانية في مدارس التعليم الديني، وتقديم الدراسات والبحوث ونشر الكتب وإصدار المجلات والدوريات، وإعادة صياغة العقائد ومراجعة كتب الصلوات، وإصلاح طرق التبشير ووسائله في الخارج.
ومن جهوده إصدار مجلتين إحداهما "رجل الكنيسة الحر" (Churchman Liberal) ما بين (1904 - 1908 م) والأخرى "رجل الكنيسة المعاصر" (Modern Churchman) شهرية من (1911 م) إلى (1956 م). وعقد الاتحاد سلسلة من المؤتمرات ومن أهمها مؤتمر في عام (1921 م) في كمبردج كان له صدى واسع.