من المفاهيم التي يحتاج إلى تحديد معناها بدقة مفهوم تجديد الدين، ذلك أن الاضطراب في فهم معناه يقود إلى انحرافات خطيرة. وهناك طائفة من الأسئلة تثار في هذا الصدد؛ هل كل رأي جديد في الدين هو تجديد له؟ ما الحدود الفاصلة بين الجديد المقبول والجديد المرفوض؟ ما علاقة التجديد بالتطور، أهما مترادفان أم بينهما فروق؟ وفي ضوء مواجهة الإسلام للحضارة الغربية المعاصرة كيف تتم الملاءمة بين الفكر الإسلامي والعصر الحاضر؟ وهل لذلك أثر في بلورة مفهوم التجديد؟
لقد جاءت الإجابة على هذه الأسئلة من اتجاهات عديدة، ولا ريب أن بعضها صائب وبعضها مخطئ. والدراسة التي تقدمها الصفحات التالية تسعى للبحث في هذه الاتجاهات والمفكرين الذين من ورائها، وتسعى للبحث عن مفهوم التجديد السليم وتمييزه عن المفاهيم الخاطئة، وبيان مجالاته وآثاره.
ولما كان مصطلح تجديد الدين مصطلحًا إسلاميًا نشأ من حديث مروي في ذلك، وهو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"؛ اتجه البحث أول ما اتجه إلى تحقيق هذا الحديث الأصل