وَقَالَ أَهْلُ الإِسْلاَمِ: لاَ دِينَ إلاّ الإِسْلاَمُ، وَكِتَابُنا نَسَخَ كُلَّ الكُتُبِ، وَنَبِيُّنَا خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَأُمِرْتُمْ وَأُمِرْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِكِتَابِكُمْ وَنَعْمَلَ بِكِتَابِنَا. فَقَضَى اللهَ تَعَالَى بَيْنَهُمْ فِي هَذِهِ الآيَةِ. وَقَالَ لَهُمْ لَيْسَ فَضْلُ الدِّينِ وَشَرَفُهُ، وَلاَ نَجَاةُ أَهْلِهِ تَكُونُ بِأنْ يَقُولَ القَائِلُ مِنْهُمْ إنَّ دِينِي أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ، بَلْ عَلَيهِ أَنْ يَعْمَل بِمَا يَهْدِيهِ إليهِ دِينُهُ، فَإنَّ الجَزَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى العَمَلِ، لاَ عَلَى التَّمَنِّي وَالغُرُورِ، فَلَيْسَ أَمْرُ نَجَاتِكُمْ، وَلاَ نَجَاةِ أَهْلِ الكِتَابِ، مَنُوطاً بِالأَمَانِي فِي الدِّينِ، فَالأَدْيَانُ لَمْ تُشَرَّعْ لِلتَّفَاخُرِ وَالتَّبَاهِي، وَلاَ تَحْصَلُ فَائِدَتُهَا بِالانْتِسَابِ إِلَيهَا، دُونَ العَمَلِ بِهَا. فَالعِبْرَةُ بِطَاعَةِ اللهِ، وَاتِّبَاعِ شَرْعِهِ الذِي جَاءَ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ الكِرَامِ، فَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً، مِنْ أَيِّ دِينٍ كَانَ يَجِدْ جَزَاءَهُ، وَلَنْ يَنْصرَهُ أَحَدٌ مِنْ بَأْسِ اللهِ، وَلَنْ يُجِيرَهُ أَحَدٌ مِنْ سُوءِ العَذَابِ، فَعَلَى الصَّادِقِ فِي دِينِهِ أَنْ يُحَاسِبَ نَفْسَهُ عَلَى العَمَلِ بِمَا هَدَاهُ إليهِ كِتَابُه وَرُسُلُهُ.

وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى عَمَلاً صَالِحاً، وَهُوَ مُطْمَئِنُ القَلْبِ بِالإِيمَانِ بِاللهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنَّ اللهَ يُكَافِئُهُ عَلَى أَعْمَالِهِ الصَّالِحَةِ بِإِدْخَالِهِ الجَنَّةَ، وَلاَ يُنْقِصُهُ شَيْئاً مِنْ عَمَلِهِ وَلَوْ كَانَ شَيْئاً بَسِيطاً جِدّاً (نَقِيراً). (?)

أي: {آمَنُوا} بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقَدَر خيره وشره على الوجه الذي أمروا به علما وتصديقا وإقرارا. {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الناشئة عن الإيمان؟

وهذا يشمل سائر المأمورات من واجب ومستحب، الذي على القلب، والذي على اللسان، والذي على بقية الجوارح. كل له من الثواب المرتب على ذلك بحسب حاله ومقامه، وتكميله للإيمان والعمل الصالح.

ويفوته ما رتب على ذلك بحسب ما أخل به من الإيمان والعمل، وذلك بحسب ما علم من حكمة الله ورحمته، وكذلك وعده الصادق الذي يعرف من تتبع كتاب الله وسنة رسوله.

ولهذا ذكر الثواب المرتب على ذلك بقوله: {سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، من أنواع المآكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015