عنهم المكروه الماضي والمستقبل، {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} فإنها قد وجبت لكم وثبتت، وكان وعد الله مفعولا ويقولون لهم أيضا - مثبتين لهم، ومبشرين: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} يحثونهم في الدنيا على الخير، ويزينونه لهم، ويرهبونهم عن الشر، ويقبحونه في قلوبهم، ويدعون الله لهم، ويثبتونهم عند المصائب والمخاوف، وخصوصًا عند الموت وشدته، والقبر وظلمته، وفي القيامة وأهوالها، وعلى الصراط، وفي الجنة يهنئونهم بكرامة ربهم، ويدخلون [ص:749] عليهم من كل باب {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} ويقولون لهم أيضا: {وَلَكُمْ فِيهَا} أي: في الجنة {مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} قد أعد وهيئ. {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} أي: تطلبون من كل ما تتعلق به إرادتكم وتطلبونه من أنواع اللذات والمشتهيات، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

{نزلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} أي: هذا الثواب الجزيل، والنعيم المقيم، نزلٌ وضيافة {مِنْ غَفُورٍ} غفر لكم السيئات، {رَحِيمٍ} حيث وفقكم لفعل الحسنات، ثم قبلها منكم. فبمغفرته أزال عنكم المحذور، وبرحمته، أنالكم المطلوب. (?)

والاستقامة على قولة: «رَبُّنَا اللَّهُ».الاستقامة عليها يحقها وحقيقتها. الاستقامة عليها شعورا في الضمير، وسلوكا في الحياة. الاستقامة عليها والصبر على تكاليفها. أمر ولا شك كبير. وعسير. ومن ثم يستحق عند الله هذا الإنعام الكبير. صحبة الملائكة، وولاءهم، ومودتهم. هذه التي تبدو فيما حكاه الله عنهم. وهم يقولون لأوليائهم المؤمنين: لا تخافوا. لا تحزنوا. أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون. نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة. ثم يصورون لهم الجنة التي يوعدون تصوير الصديق لصديقه ما يعلم أنه يسره علمه ورؤيته من حظه المرتقب: لكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون. ويزيدونها لهم جمالا وكرامة: نزلا من غفور رحيم. فهي من عند الله أنزلكم إياها بمغفرته ورحمته. فأي نعيم بعد هذا النعيم؟ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015