المبحث الثامن عشر الظالمون بعضهم أولياء بعض

المبحث الثامن عشر

الظالمون بعضهم أولياء بعض

قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)} [الجاثية:18،19]

لَقَدْ بَعَثَكَ اللهُ يَا مُحمَّدُ، بَعْدَ اختِلافِ أَهلِ الكِتَابِ، عَلَى مِنهَاجٍ وَاضِحٍ مِنْ أَمْرِ الدِّين شَرَعَهُ لَكَ، ولمنْ قَبلَكَ مِنَ الرُّسُلِ، فاتَّبعْ مَا أَوْحى إِليكَ رَبُّكَ، وَلا تَتَّبعْ مَا دَعَاكَ المُشرِكُونَ الجَاهِلُونَ إِليهِ مِن عِبَادةِ آلهتِهم، فَهؤلاءِ لا يَعلَمُونَ طَرِيقَ الحقِّ.

وهؤُلاءِ الجَاهِلُونَ لاَ يَدْفَعُونَ عَنْكَ شَيئاً ممّا أَرادَهُ اللهُ بِك إِنِ اتَّبعْتَ أَهْوَاءَهُمْ، وَتَرَكْتَ شَرْعَ رَبِّكَ. والكَافِرونَ يَتَولَّى بَعْضُهُمْ بَعْضاً في الدُّنيا، وَيُظَاهِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، أَمَّا في الآخِرةِ فلا يُغني أَحَدٌ عنْ أَحَدٍ شَيئاً. أَمَّا المُتَّقُون المهتَدُون فإِنَّ اللهَ وَليُّهُم يَنْصُرُهُم وَيُخرِجُهُم مِنَ الظُّلُماتِ إِلى النُّورِ. (?)

قال الطبري:" ثُمَّ جَعَلْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ بَعْدِ الَّذِي آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، الَّذِينَ وَصَفْتُ لَكَ صِفَتَهُمْ {عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ} [الجاثية:18] يَقُولُ: عَلَى طَرِيقَةٍ وَسُنَّةٍ وَمِنْهَاجٍ مِنْ أَمْرِنَا الَّذِي أَمَرْنَا بِهِ مَنْ قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا {فَاتَّبِعْهَا} [الجاثية:18] يَقُولُ: فَاتَّبِعْ تِلْكَ الشَّرِيعَةَ الَّتِي جَعَلْنَاهَا لَكَ {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية:18] يَقُولُ: وَلَا تَتَّبِعْ مَا دَعَاكَ إِلَيْهِ الْجَاهِلُونَ بِاللَّهِ، الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، فَتَعْمَلَ بِهِ، فَتَهْلِكَ إِنْ عَمِلْتَ بِهِ، إِنَّ هَؤُلَاءِ الْجَاهِلِينَ بِرَبِّهِمْ، الَّذِينَ يَدْعُونَكَ يَا مُحَمَّدُ إِلَى اتِّبَاعِ أَهْوَائِهِمْ، لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ إِنْ أَنْتَ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ، وَخَالَفْتَ شَرِيعَةَ رَبِّكَ الَّتِي شَرَعَهَا لَكَ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ شَيْئًا، فَيَدْفَعُوهُ عَنْكَ إِنْ هُوَ عَاقَبَكَ، وَيُنْقِذُوكَ مِنْهُ، وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَنْصَارُ بَعْضٍ، وَأَعْوَانُهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَأَهْلِ طَاعَتِهِ {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية:19] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ يَلِي مَنِ اتَّقَاهُ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ بِكِفَايَتِهِ، وَدِفَاعِ مَنْ أَرَادَهُ بِسُوءٍ، يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015