المبحث السابع عشر
النهي عن اتخاذ أولياء من دون الله
قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:3]
قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلنَّاسِ الذِينَ تُنْذِرُهُمْ: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ، فَهُوَ وَحْدَهُ الذِي لَهُ الحَقُّ فِي شَرْعِ الدِّينِ لَكُمْ، وَفَرْضِ العِبَادَاتِ عَلَيْكُمْ وَتَحْلِيلِ مَا يَنْفَعُكُمْ، وَتَحْرِيمِ مَا يَضُرُّكُمْ، لأَنَّهُ العَلِيمُ بِمَا فِيهِ الفَائِدَةُ أَوِ الضَّرَرُ لَكُمْ، وَلا تَتَّخِذُوا مِنَ النَّاسِ، أَوْ مِنَ الشَّيَاطِينِ الذِينَ يُوَسْوِسُونَ إِلَيْكُمْ، أَوْلِيَاءَ تُوَلُّونَهُمْ أُمُورَكُمْ، وَتُطِيعُونَهُمْ فِيمَا يَرُومُونَ مِنْكُمْ مِنْ ضَلاَلِ التَّقَالِيدِ، وَالابْتِدَاعِ فِي الدِّينِ. وَقَلِيلٌ مِنَ النَّاسِ هُمُ الذِينَ يَتَذَكَّرُونَ وَيَتَّعِظُونَ (أَوْ قَلِيلاً مَا تَتَّعِظُونَ بِمَا تُوعَظُونَ بِهِ) (?).
وقال الطبري":قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِكَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ وَالْأَصْنَامَ: اتَّبِعُوا أَيُّهَا النَّاسُ مَا جَاءَكُمْ مِنْ عِنْدِ رَبِّكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، وَاعْمَلُوا بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ رَبُّكُمْ، {وَلَا تَتَّبِعُوا} [البقرة:168] شَيْئًا {مِنْ دُونِهِ} [النساء:117] يَعْنِي: شَيْئًا غَيْرَ مَا أَنْزَلَ إِلَيْكُمْ رَبُّكُمْ، يَقُولُ: لَا تَتَّبِعُوا أَمْرَ أَوْلِيَائِكُمُ الَّذِينَ يَأْمُرُونَكُمْ بِالشِّرْكِ بِاللَّهِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، فَإِنَّهُمْ يُضِلُّونَكُمْ وَلَا يَهْدُونَكُمْ" (?)
خاطب الله العباد، وألفتهم إلى الكتاب فقال: {اتَّبِعُوا مَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} أي: الكتاب الذي أريد إنزاله لأجلكم، وهو: {مِنْ رَبِّكُمْ} الذي يريد أن يتم تربيته لكم، فأنزل عليكم هذا الكتاب الذي، إن اتبعتموه، كملت تربيتكم، وتمت عليكم النعمة، وهديتم لأحسن الأعمال والأخلاق ومعاليها {وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}