ثأرهم في وقعة أحد. ولقد شرحنا حادث إجلاء بني قينقاع في سياق تفسير سورة الأنفال فنكتفي بهذه الإشارة هنا إلى ذلك الحادث.

وقد قال بعض المفسرين إن جملة لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى إنها في صدد اليهود والمنافقين معا. وقال بعضهم هي في صدد اليهود فقط. وهذا هو الأوجه فيما نرى ولذلك صرفناها إلى اليهود فقط، فاليهود فقط هم الذين كانوا يقيمون في قرى محصنة في ضاحية منعزلة عن مساكن العرب.

وفي الجملة تأييد لما شرحناه في سياق تفسير الآيات [84 - 85] من سورة البقرة وهو أن اليهود في المدينة لم يكونوا كتلة متضامنة وأن بعضهم كانوا أعداء لبعض. ولقد نكّل النبي ببني قينقاع حينما أسفروا عن عدائهم وعدوانهم فلم يتحرك بنو النضير وبنو قريظة لنصرتهم. ثم نكّل ببني النضير فلم يتحرك بنو قريظة مما فيه تأييد آخر من الوقائع.

والآيات وإن تكن في معرض مشهد من مشاهد السيرة فإن فيها تلقينات جليلة تظل مستمد إلهام وقوة للمخلصين من المسلمين تجاه أعدائهم وتجاه المخامرين منهم مع الأعداء إذا هم كانوا أشداء أقوياء القلوب والعزائم والإيمان لأن الأعداء والمخامرين في هذه الحالة لن يلبثوا أن يخزوا ويخذلوا إزاء مثل هذا الموقف. وتظل كذلك مستمد إلهام في تقبيح مواقف المخامرين والمنافقين والمتضامنين بأي أسلوب مع الأعداء وفي عدم قبول أي عذر لهم قد يعتذرون به باسم الصداقة والواقع أو المصلحة أو المحالفة. لأن المصلحة العامة العليا هي التي يجب أن يكون لها الاعتبار الأول." (?)

وأسلوب المنافقين واليهود في قتال المؤمنين أنهم لا يواجهون جيش الإسلام مواجهة، ولا يقاتلونهم مجتمعين، وإنما يقاتلونهم من وراء الحصون والقلاع، أو من خلف الأسوار التي يتسترون بها، لجبنهم ورهبتهم، وحربهم الدائرة بينهم شديدة، تظنهم جميعا متوحدين، وهم متفرقون، لما بينهم من أحقاد وعداوات، ولأنهم قوم لا يعقلون الحق وأمر الله. وبأسهم: أحقادهم وأضغانهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015