لأجل دينهم {فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} والقتال معهم، وأما من قاتلوهم لغير ذلك من المقاصد فليس عليكم نصرهم.
وقوله تعالى: {إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} أي: عهد بترك القتال، فإنهم إذا أراد المؤمنون المتميزون الذين لم يهاجروا قتالهم، فلا تعينوهم عليهم، لأجل ما بينكم وبينهم من الميثاق.
{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} يعلم ما أنتم عليه من الأحوال، فيشرع لكم من الأحكام ما يليق بكم. (?)
والولاية بين المسلمين في إبان نشأة المجتمع المسلم إلى يوم بدر، كانت ولاية توارث وتكافل في الديات وولاية نصرة وأخوة قامت مقام علاقات الدم والنسب والقرابة .. حتى إذا وجدت الدولة ومكن الله لها بيوم الفرقان في بدر بقيت الولاية والنصرة، ورد الله الميراث والتكافل في الديات إلى قرابة الدم، داخل المجتمع المسلم ..
فأما الهجرة التي يشير إليها النص ويجعلها شرطا لتلك الولاية - العامة والخاصة - فهي الهجرة من دار الشرك إلى دار الإسلام - لمن استطاع - فأما الذين يملكون الهجرة ولم يهاجروا، استمساكا بمصالح أو قرابات مع المشركين، فهؤلاء ليس بينهم وبين المجتمع المسلم ولاية، كما كان الشأن في جماعات من الأعراب أسلموا ولم يهاجروا لمثل هذه الملابسات، وكذلك بعض أفراد في مكة من القادرين على الهجرة .. وهؤلاء وأولئك أوجب الله على المسلمين نصرهم - إن استنصروهم في الدين خاصة - على شرط ألا يكون الاعتداء عليهم من قوم بينهم وبين المجتمع المسلم عهد، لأن عهود المجتمع المسلم وخطته الحركية أولى بالرعاية! ونحسب أن هذه النصوص والأحكام تدل دلالة كافية على طبيعة المجتمع المسلم والاعتبار ات الأساسية في تركيبه العضوي، وقيمه الأساسية. ولكن هذه الدلالة لا تتضح الوضوح الكافي إلا ببيان تاريخي عن نشأة هذا