رَوْضَةِ خَاخٍ لِيَأَتِيَاهُ بِالكِتَابِ مِنَ المَرْأَةِ، فَلَمَّا جَاآهَا طَلَبا مِنْهَا الكِتَابَ فأَنْكَرَتْهُ، فَهَدَّدَاهَا بِتَجْرِيدِهَا مِنْ ثِيَابِهَا لِتَفْتِيشِهَا، فَأَخْرَجَتِ الكِتَابَ مِنْ ضَفَائِرِ شَعْرِهَا.

وَسَأَلَ الرَّسُولُ حَاطِباً عَنِ الكِتَابِ فَاعْتَرَفَ وَقَالَ لِلرَّسُولُ إِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كُفْراً، وَلاَ ارْتِدَاداً عَنِ الإِسْلاَمِ، وإِنَّمَا لِيَتَّخِذَ بِهِ يَداً عِنْدَ قُرَيشٍ يَحْمِي بِهَا أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ وَمَالَهُ. فَقَالَ الرَّسُولُ للصَّحَابَةِ إِنَّهُ صَدَقَكُمْ. وَقَالَ عُمْرُ بِنُ الخَطَّابِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنْقَ هَذَا المُنَافِقِ. فَقَالَ الرَّسُولُ: إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْراً، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ.

وَيَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنينَ فِي هَذِهِ الآيَةِ بِأَنْ لاَ يَتَّخِذَوا الكُفَّارَ أَعْواناً وَأَنْصَاراً لَهُمْ يُبَلِّغُونَهُمْ أَخْبَارَ الرَّسُولِ التِي لاَ ينْبَغِي لأَعْدَائِهِ أَنْ يَطَّلِعُوا عَلَيهَا، وَقَدْ كَفَرَ هَؤُلاَءِ الكُفَّارُ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِكِتَابِهِ، فَكَيْفَ بِكُمْ بَعْدَ هَذَا تَتَّخِذُونَهُمْ أَنْصَاراً تُسِرُّونَ إِليهِمْ بِمَا يَنْفَعُهُمْ، وَيُضُرُّ الرَّسُولَ والمُسْلِمِينَ، وَقَدْ أَخْرَجُوا الرَّسُولَ وَأَصْحَابَهُ مِنْ بَينِ أَظْهَرِهِمْ كُرْهاً بِالتَّوْحِيدِ، وَإِخْلاَصِ العِبَادَةِ للهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَنْبٌ يُؤَاخَذُونَ عَلَيهِ غَيْرُ ذَلِكَ.

فَإِنْ كُنْتُمْ، يَا أَيَّهُا المُؤْمِنُونَ، قَدْ خَرَجْتُمْ مُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِي، وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي، فَلاَ تُوَلُوا أَعْدَائِي، وَمَنْ يَفْعَلْ هَذِهِ المُوَالاَةَ، وَيُفْشِ سِرَّ الرَّسُول لأَعْدَائِهِ، فَقَدْ حَادَ عَنْ قَصْدِ الطَّرِيقِ المُوصِلَةِ إِلَى الجَنَّةِ.

إِنْ ظَفِرَ بِكُمْ هَؤُلاَءِ الكَافِرُونَ، الذِينَ تُلْقَونَ إِليهِم بِالمَوَدَّةِ، يُظْهِرُوا لَكُمْ عَدَاوَتَهُمْ، وَيَمُدُّوا إِليكُمْ أَيدِيَهُمْ وأَلْسِنَتَهُمْ بِمَا يَسُوؤُكُمْ: يُقَاتِلُونَكُمْ وَيَشْتَمُونَكُمْ وَيَتَمَنَّونَ لَو تَكْفرُونَ بِرَبِّكُمْ فَتَكُونُوا عَلَى مِثْلِ دِينِهِمْ، فَكَيْفَ تُسِرُّونَ إِلَى هَؤُلاَءِ بِالمَوَدَّةِ وَهَذِهِ هِيَ حَالُهُمْ؟ ..

وََيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ الذِي اعْتَذَرَ بِرَغْبَتِهِ فِي المُحَافَظَةِ عَلَى أَوْلاَدِهِ وَأَمْوَالِهِ فِي مَكَّةَ، بِأَنَّ الأَقَارِبَ وَالأَوْلاَدَ، الذِينَ تُوَالُونَ الكُفَّارَ مِنْ أَجْلِهِمْ، لَنْ يَنْفَعُوكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلَنْ يَدْفَعُوا عَنْكُمْ شَيئاً مِنْ عَذَابِ اللهِ، إِنْ عَصَيْتُمُوهُ فِي الدُّنْيَا، لأَنَّهُ سَيَفْصِلُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَقَارِبِهِمْ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ العَصِيبِ. وَيَذْهَلُ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَّنْ سِوَاهُ، وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ شَأْنٌ يُغَنِيهِ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ، وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُهُ العِبَادُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015