أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ» .. ومن هنا تجيء علاقة قصة سليمان والجن بالقضايا والموضوعات التي تعالجها السورة، على طريقة سياقة القصص في القرآن الكريم.

وبينما المشهد معروض يتغير السياق من الحكاية والوصف إلى الخطاب والمواجهة. ويوجه القول إليهم بالتأنيب والتبكيت: «فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا» .. لا الملائكة يملكون للناس شيئا. ولا هؤلاء الذين كفروا يملك بعضهم لبعض شيئا. والنار التي كذب بها الظالمون، وكانوا يقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين، ها هم أولاء يرونها واقعا لا شك فيه: «وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا: ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ» (?)

-----------------

وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)} [الزخرف:26 - 28]

وَاذْكُرَ يَا مُحَمَّدُ لِقَوْمِكَ خَبَرَ جَدِّهِمْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أَعْلَنَ لأَبِيهِ آزَرَ وَقَوْمِهِ بِأَنَّهُ مُتَبَرّئٌ مِما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنَ الأَصْنَامِ والأَوْثَانِ. وَأَنَّهُ لَنْ يَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ الذِي خَلَقَهُ مِنْ عَدَمٍ والذِي سَيَهْدِيهِ إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ، وَيُوفِّقُهُ إِلَى اتِّبَاعِ الحَقِّ. وَجَعَلَ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ (وَهِيَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي ذُرِّيتَهِ يَتَوَارَثُونَهَا، وَيَقْتَدِي بِهِ فِيهَا مَنْ هَدَاهُ اللهُ مِنْ ذُرِّيتِهِ، لَعَلَّ ذُرِّيتَهُ يَذْكُرُونَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَبُوهُمْ إِبْرَاهِيمُ، فَيَرْجِعُوا إِلَى اللهُ، وَيُخْلِصُوا العَمَلَ والإِيْمَانَ لَهُ. (?)

يخبر تعالى عن ملة إبراهيم الخليل عليه السلام، الذي ينتسب إليه أهل الكتاب والمشركون، وكلهم يزعم أنه على طريقته، فأخبر عن دينه الذي ورثه في ذريته فقال: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ} الذين اتخذوا من دون الله آلهة يعبدونهم ويتقربون إليهم: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} أي: مبغض له، مجتنب معاد لأهله، {إِلا الَّذِي فَطَرَنِي} فإني أتولاه، وأرجو أن يهديني للعلم بالحق والعمل به، فكما فطرني ودبرني بما يصلح بدني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015