تعقل ونحن نختار لأنفسنا ما اختاره الله لنبيه الذي أمرنا الله بالاقتداء به فقال {قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} أي منفرد لا يستحق العبودية والإلهية سواه كما أنه المنفرد بالخلق والتدبير.

{وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} به من الأوثان والأنداد وكل ما أشرك به مع الله فهذا حقيقة التوحيد إثبات الإلهية لله ونفيها عما عداه.

لما بيَّن شهادته وشهادة رسوله على التوحيد وشهادةَ المشركين الذين لا علم لديهم على ضده ذكر أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى {يَعْرِفُونَهُ} أي يعرفون صحة التوحيد {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} أي لا شك عندهم فيه بوجهكما أنهم لا يشتبهون بأولادهم خصوصا البنين الملازمين في الغالب لآبائهم.

ويحتمل أن الضمير عائد إلى الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن أهل الكتاب لا يشتبهون بصحة رسالته ولا يمترون بها لما عندهم من البشارات به ونعوته التي تنطبق عليه ولا تصلح لغيره والمعنيان متلازمان. قوله {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} أي فوتوها ما خلقت له من الإيمان والتوحيد وحرموها الفضل من الملك المجيد {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} فإذا لم يوجد الإيمان منهم فلا تسأل عن الخسار والشر الذي يحصل لهم. (?)

إن هذه القضية التي عرضها السياق القرآني في هذه الآيات .. قضية الولاء والتوحيد والمفاصلة .. هي قضية هذه العقيدة وهي الحقيقة الكبرى فيها. وإن العصبة المؤمنة اليوم لخليقة بأن تقف أمام هذا الدرس الرباني فيها وقفة طويلة ..

إن هذه العصبة تواجه اليوم من الجاهلية الشاملة في الأرض، نفس ما كانت تواجهه العصبة التي تنزلت عليها هذه الآيات، لتحدد على ضوئها موقفها، ولتسير على هذا الضوء في طريقها وتحتاج - من ثم - أن تقف وقفة طويلة أمام هذه الآيات، لترسم طريقها على هداها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015