المبحث الثامن الثالثة من دوائر الدين في الإسلام دائرة (الإحسان)

المبحث الثامن

الثالثة من دوائر الدين في الإسلام دائرة (الإحسان)

وأما الدائرة الثالثة من دوائر الدين في الإسلام فهي دائرة (الإحسان) وهي كما عرفها النبي - صلى الله عليه وسلم -،فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَدِيثِ الْإِيمَانِ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الْإِحْسَانُ؟،قَالَ:"أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَكُنُ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ". (?)

وهي موضوع (علم السوك والتصوف) وقد عرف علماء هذا الفن التوحيد بقولهم (هو تحرر العبد وانعتاقه من رق الأكوان ومن نفسه وحظوظها وهواه وكل ما سواه وإخلاص التوجه والعمل لله)

فالاستحضار الدائم لمقام العبودية لله وحده، يعني استحضار الإنسان لحريته وتحرره من كل عبودية لغيره، بما في ذلك حظوظ نفسه وشهواته وهواه!

وفي شرح الحكم العطائية:"فلا تتحقق عبوديته لله حتى يتحرر من رق الأكوان ويتحقق بمقام الأحرار من أهل العرفان فحينئذ يكون سالماً لله حراً مما سواه" (?)

قال الشيخ عبد القادر الجيلاني في فتوح الغيب: (ليس الشرك عبادة الأصنام فحسب بل هو متابعتك هواك)!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فَالْحُرِّيَّةُ حُرِّيَّةُ الْقَلْبِ، وَالْعُبُودِيَّةُ عُبُودِيَّةُ الْقَلْبِ، كَمَا أَنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ) (?) وقال: (فَإِنَّ أَسْرَ الْقَلْبِ أَعْظَمُ مِنْ أَسْرِ الْبَدَنِ، وَاسْتِعْبَادَ الْقَلْبِ أَعْظَمُ مِنْ اسْتِعْبَادِ الْبَدَنِ، فَإِنَّ مَنْ اسْتَعْبَدَ بَدَنَهُ وَاسْتَرَقَّ لَا يُبَالِي إذَا كَانَ قَلْبُهُ مُسْتَرِيحًا مِنْ ذَلِكَ مُطْمَئِنًّا، بَلْ يُمْكِنُهُ الِاحْتِيَالُ فِي الْخَلَاصِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَلْبُ الَّذِي هُوَ الْمِلْكُ رَقِيقًا مُسْتَعْبَدًا مُتَيَّمًا لِغَيْرِ اللَّهِ فَهَذَا هُوَ الذُّلُّ وَالْأَسْرُ الْمَحْضُ، وَالْعُبُودِيَّةُ لِمَا اسْتَعْبَدَ الْقَلْبُ. وَعُبُودِيَّةُ الْقَلْبِ وَأَسْرُهُ هِيَ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ أَسَرَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015