عهدي الرق والإقطاع .. فكان غريبا على ضمير البشرية يومذاك أن ينادي ذلك المنهج السابق المتقدم بمبدأ المساواة المطلقة أمام القضاء .. ولكن ها هي ذي شيئا فشيئا تحاول أن تصل - ولو نظريا - إلى شيء مما طبقة الإسلام عمليا منذ نيف وثلاث مائة وألف عام. وغير هذا وذلك كثير يشهد بأن الرسالة المحمدية كانت رحمة للبشرية وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - إنما أرسل رحمة للعالمين. من آمن به ومن لم يؤمن به على السواء. فالبشرية كلها قد تأثرت بالمنهج الذي جاء به طائعة أو كارهة، شاعرة أو غير شاعرة وما تزال ظلال هذه الرحمة وارفة، لمن يريد أن يستظل بها، ويستروح فيها نسائم السماء الرخية، في هجير الأرض المحرق وبخاصة في هذه الأيام.
وإن البشرية اليوم لفي أشد الحاجة إلى حس هذه الرحمة ونداها. وهي قلقة حائرة، شاردة في متاهات المادية، وجحيم الحروب، وجفاف الأرواح والقلوب .. (?)
فكلهم مشمول بالرحمة ببعثته من آمن به ومن لم يؤمن به - صلى الله عليه وسلم -،وهو ما شهد به غير المسلمين كما قال جوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب) (إن العالم لم يشهد فاتحين أرحم ولا أعدل من العرب)!
وكذلك الحرية بمعنى العفاف وحفظ العرض، فقد حرم الإسلام الفواحش كلها ما ظهر منها وما بطن، وحرم الزنا والخنا، والفجور والسفور، وكل معنى ينافي العفاف والطهر، وينافي تكريم الله للإنسان بالاستخلاف في الأرض، وتحمل أمانة التكليف.
وهذا على مستوى الحرية الفردية في دائرة الإسلام.
ــــــــــ