فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ:"قَالَ اللَّهُ: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ" (?)
وقد جعلت الشريعة للرق أسباباً معينة، ومسارات خاصة، فمن تعداها فباع حراً فإنما يأكل في بطنه نار جهنم، وقد استعبد بعض البشر بعضاً عبر التاريخ، كما فعل فرعون مع بني إسرائيل، وقد امتن الله على بني إسرائيل لما نالوا الحرية بعد استعبادهم، وقد ذاقوا ذل العبودية لفرعون وقومه فقال سبحانه: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ) (سورة البقرة49)،وكان فرعون يمن على موسى أنه لم يستعبده كما استعبد قومه، فكان رد موسى، (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ) (سورة الشعراء22) فأنا واحد، وقومي هؤلاء جميعاً، فأين منتك عليَّ في أن لم تستعبدني، وأنا فرد واحد، واستعبدت قومي على كثرتهم وعددهم.
وجاءت الشريعة الإسلامية بوضع الآصار والأغلال، فهي شريعة تخفيف، ورفع للقيود الشاقة، ولذلك نجد فيها تخفيفاً في أحكام المكره كما قال عز وجل: (مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ) (سورة النحل106).
ولا تستقيم حياة الإنسان إلا إذا كان عبداً لشيء واحد وهو الله عز وجل، (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللهِ) (سورة الأنعام19) (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (سورة الذاريات56).
فالعبودية لله تعالى فقط، وعندما يصبح الإنسان عبداً لله يتحرر من أسر المخلوقات، وعندما يصبح عبداً لله فإنه يكون في غاية الحرية في نفسه، وكذلك فإن الصحابة لما خرجوا لفتوحات البلدان كان قائلهم يقول:"اللَّهُ ابْتَعَثْنَا لِنُخْرِجَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ، وَمِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إِلَى سِعَتِهَا، وَمِنْ جَوْرِ الْأَدْيَانِ إِلَى عَدْلِ الْإِسْلَامِ، فَأَرْسَلَنَا بِدِينِهِ إِلَى