نقص إرادته واختياره تنتقص إنسانيته كإنسان، وهو ما يعبر عنه الفقهاء (لا رأي ولا عقد لمكره) و (الإكراه يسقط التكليف)،وجاء في تبيين الحقائق شرح كنز الدقاق في فقه الحنفية (الْحُرِّيَّةُ أَصْلُ الْأَهْلِيَّةِ) (?)،فالمجبور المكره فاقد لأهلية التصرف.
3 - ولا يكون كذلك ممنوعا من التصرف فيما هو حق له أو مباح له مما لا يضر به نفسه ولا يضر به غيره، فإن منع فقد انتقص من حريته ومن إنسانيته بقدر ذلك.
4 - وأن لا يكون مظلوما مقهورا، فالظلم عدوان على كرامة الإنسان، وبقدر هذا الظلم وحجمه ينتقص من إنسانية الإنسان وحريته، كما في قول الملأ من قوم فرعون: {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون:47]،بمعنى خاضعين مقهورين لسلطاننا، وكما عبر عن ذلك عمر الفاروق: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) (?)،فعد الظلم والعدوان الذي قام به ابن أمير مصر على القبطي استعبادا، فمن ذل لغيره فقد صار عبدا له.
5 - وأن يكون مصون العرض محفوظ الشرف.
فهذه هي الحرية الصورية للإنسان تتجلى في (ملك النفس والتصرف - والإرادة الحرة - وصيانة الكرامة، وحفظ الشرف) ..
عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّ نِسْوَةً أَتَيْنَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِنَّ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهِيَ أُمُّ مُعَاوِيَةَ يُبَايِعْنَهُ. فَلَمَّا أَنْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ. قَالَتْ هِنْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُصِيبَ مِنْ طَعَامِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ؟ قَالَ: فَرَخَّصَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ فِي الرُّطَبِ وَلَمْ يُرَخِّصْ لها فِي الْيَابِسِ. قَالَ: وَلا يَزْنِينَ. قَالَتْ: وَهَلْ تَزْنِي الْحُرَّةُ؟ قَالَ: وَلا يُقْتَلْنَ أَوْلادَهُنَّ. قَالَتْ: وَهَلْ تَرَكْتَ لَنَا وَلَدًا إِلا قَتَلْتَهُ يَوْمَ بَدْرٍ؟