الْمُسْلِمِينَ يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ، لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ شُرِعَ لِيَكُونَ وَسِيلَةً لَهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ، وَتَمْكِينُهُمْ مِنْ الْمُقَامِ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ أَبْلَغُ إلَى هَذَا الْمَقْصُودِ.

وَفِيهِ أَيْضًا مَنْفَعَةُ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَيُمَكَّنُونَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ بَيْعِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ فِيهَا ظَاهِرًا، لِأَنَّ حُرْمَةَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّهِمْ كَمَا هِيَ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْحُرُمَاتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، فَكَانَ إظْهَارُ بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مِنْهُمْ إظْهَارًا لِلْفِسْقِ فَيُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ." (?)

ب- حرية الرأي:

وتسمى أيضاً بحرية التفكير والتعبير، وقد جوز الإسلام للإنسان أن يقلب نظره في صفحات الكون المليئة بالحقائق المتنوعة، والظواهر المختلفة، ويحاول تجربتها بعقله، واستخدامها لمصلحته مع بني جنسه؛ لأن كل ما في الكون مسخر للإنسان، يستطيع أن يستخدمه عن طريق معرفة طبيعته ومدى قابليته للتفاعل والتأثير، ولا يتأتى ذلك إلا بالنظر وطول التفكير.

والغاية من ذلك إظهار الحق وإخماد الباطل، ومنع الظلم ونشر العدل، وهذا ما فعله الأنبياء والرسل إزاء الملوك والحكام ويفعله العلماء والمفكرون مع القضاة والسلاطين، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ، أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ» (?)

وقد رغب الإسلام في التفكير والنظر الطليق والتأمل في أسرار الكون للتوصل بالعقل والمنطق إلى إثبات الصانع وإثبات النبوة وفهم ما جاء به الأنبياء والرسل والإفادة من كنوز الأرض، وجعل التفكير فريضة إسلامية، والآيات القرآنية المطالبة باستخدام الفكر كثيرة، منها قوله سبحانه: {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} (يونس:101).وتختتم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015