القسم الرابع: ما يكره إبداؤه من الرأي، وهو ما كان تركه خيراً من إبدائه ولو لم يكن فيه وعيد أو عقوبة، وهذا أيضاً مباح في الفكر الغربي.
القسم الخامس: ما يباح من الرأي والكلام، وهو ما يكون مستوي الطرفين، بمعنى أنه لا للمتكلم ولا عليه، ووقع الخلاف بين العلماء فيه على قولين:
القول الأول: أنه لا يخلو كل ما يقوله من رأي إما أن يكون له أو عليه، وليس في حقه شيء لا له ولا عليه، ومن أدلة هذا القول:
1 - أن الشريعة نبهت العبد إلى أن كلامه كله يكتب عليه، بدليل قول الله - تعالى -: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق:18] فهذا نكرة في سياق النفي زيدت قبلها لفظة (من) فهي نص صريح في العموم. (?)
2 - عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ كَلَامِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لَا لَهُ، إِلَّا أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ، أَوْ ذِكْرُ اللَّهِ» (?)
قال القاري - رحمه الله تعالى -: «وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي الْكَلَامِ نَوْعٌ يُبَاحُ لِلْأَنَامِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَالتَّأْكِيدِ فِي الزَّجْرِ عَنِ الْقَوْلِ الَّذِي لَيْسَ بِسَدِيدٍ،». (?)
3 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» (?)
فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - المقابل لقول الخير الصمت، ولو كان في الكلام أو الرأي شيء مباح لكان مقابلاً لقول الخير بدل الصمت؛ لأن تعمد الصمت مما جاء النهي عنه؛ كما في