مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» (?)،عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ بِدَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ عَلَى الْأَعْمَالِ أَوْلَى مِنَ الْمُؤَاخَذَةِ عَلَى الْأَقْوَالِ وَتِلْكَ الدَّلَالَةُ كَافِيَةٌ فِي تَذْكِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. (?)

قلت: كل ما ذكره ابن عاشور من الأقوال السيئة مباح في الفكر الغربي، ويندرج تحت حرية الرأي، ومن حق أي أحد أن يدعو إلى الشرك وعبادة الأصنام، ونهي الناس عن اتباع الحق، وترويج الباطل، وإلقاء الشبه، وغير ذلك.

النوع الثاني: نصوص فيها أن الإنسان يحاسب يوم القيامة على ما ينطق به، مثل:

قول الله - تعالى -: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النور:24].وقوله - تعالى -: (اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [يس:65].وقوله - تعالى -: (هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الجاثية:29].وقوله - تعالى -: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [فصِّلت:20].

والرأي هو نتاج العقل، واللسان يبلغه وينطق به، والكلام من عمل اللسان وكسبه، فتشهد الجوارح الأخرى عليه بما صدر عنه من آراء.

وما كان هذا التخويف بأن الألفاظ تحصى على الإنسان، ويحاسب يوم القيامة بما قال -ولو كان مجرد رأي- إلا ليتحفظ العبد من إطلاق لسانه في الكلام، فلا ينطق إلا بخير، فأين من هذا القولُ بحرية الرأي، والاستدلال له بآيات وأحاديث لا تدل عليه، وموضوعها غير موضوعه؟!

النوع الثالث: نصوص فيها أمر بحبس اللسان، وتحذير من مغبة ما يقول الإنسان، وإخبار أن أكثر عذاب الناس إنما هو بسبب الآراء التي نطقت بها ألسنتهم، وفيها تصريح بأن السكوت خير من النطق إذا لم يتبين أن النطق فيه خير، ومن هذه النصوص:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015