يقول برتراند راسل: «إن حرية القول هي أن تكون إرادتنا التي نعبر عنها وليدة رغباتنا، وليست وليدة قوى ملزمة تضطرنا أن نفعل ما لسنا نريد أن نفعله» (?)
وأكد مونتسكو على أن الحرية هي: «عدم الانصياع لغير الذات». (?)
ومعلوم أن المؤمن يمنعه من إبداء رأيه في أكثر حالات الرأي خوفه من انتهاك حمى الشريعة الربانية، والوقوع في إثم القول، كالقول على الله - تعالى -بلا علم كما أنه في حالات أخرى يؤخذ بإبداء رأيه ويعاقب عليه حداً أو تعزيراً، كالقذف.
ويبلغ تقديس الرأي عند منظري الحرية مبلغاً يدعو فيه أكبر فيلسوف نظّر للحرية وقررها وهو الفيلسوف الإنجليزي جون سيتوارت ميل إلى تعمد الخطأ والباطل في مواجهة الصواب والحق حين يتحدث عن الرأي السائد، ويقسمه إلى صواب وخطأ، ثم يقرر في الصواب أنه لا بد من معارضة هذا الصواب بما يناقضه من الخطأ حتى يتمكن الذهن من الإحاطة بالحق إحاطة تامة والشعور به شعوراً عميقاً. (?)
وفي موضع آخر يؤكد ذلك فيقول: إذا فرضنا جدلاً أن الرأي السائد موافق للصواب، ومشتمل على كل الحقيقة كان من الضروري إطلاق الحرية للمناقشة فيه مناقشة حادة غير فاترة. (?)
وهذا التعميم لمواجهة كل صواب بخطأ معارض للشرائع وللعقل وهو من لبس الحق بالباطل، ومن الأمر بالمنكر، ومن قول الزور، ومن البغي، ومن التحريف، وكل أولئك جاءت آيات قرآنية، وأحاديث نبوية تنهى عنه، فلا يصح تعميم مواجهة كل صواب بخطأ، وكل حق بباطل لعامة الناس وإلا لضلوا، كما لا يصح ذلك لفئات المتعلمين إلا لغرض صحيح.
وإذا كان تقديس الرأي لدى الغربيين ومن وافقهم من الليبراليين العرب قد بلغ هذا المبلغ؛ فإن كثيراً من المفكرين المسلمين استنسخوا مقولات الغربيين والليبراليين العرب في