لا تدري عنه، وأنت لا تحاسبه، وله رب يحاسبه، نعم، لكن ما حكمه؟ حرام، وهل يحق له أن يفعل ذلك وحده؟ لا يحق له ذلك شرعاً، بل هو حرام، وهو آثم، ومعاقب عند الله.
وبالمناسبة لا يوجد معصية لا تتعدى إلى الغير، هذا لا بد أن يكون في قلبه نكتة سوداء، ستظهر في معاملته للناس بعدما يخرج من بيته. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صَقُلَ مِنْهَا قَلْبُهُ، وَإِنَّ زَادَ زَادَتْ حَتَّى يُغَلَّفَ بِهَا قَلْبُهُ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14] " (?)
وعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ:"إِنَّ الرَّجُلَ لَيُذْنِبُ فَيُنْكَتُ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، ثُمَّ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُنْكَتُ نُكْتَةٌ أُخْرَى، حَتَّى يَصِيرَ لَوْنُ قَلْبِهِ لَوْنَ الشَّاةِ الرَّبْدَاءِ" (?)
وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (?)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , قَالَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ , مَنْ ضَارَّ ضَرَّهُ اللَّهُ , وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ» (?)
لا ضرر بالنفس، ولا ضرار بالغير، وبعض الناس يفهم النصف الثاني فقط: ((لا ضرار)) يعني: لا يجوز أن تضر غيرك.
وقوله: ((لا ضرر)) يعني: لا يجوز أن تضر بنفسك حتى لو كنت مع نفسك وحدك أين تذهب بهذا؟
ولذلك فإن الحرية في الإسلام مقيدة، فمن أبطل الباطل قول: الحرية المطلقة، نريد الحرية المطلقة، فنقول: لا حرية مطلقة في الإسلام، وإلا ما كان للعبودية لله معنى؛ لأن الحرية المطلقة تقتضي ألا تقيد بأي قيد، فكيف يبتلي الله الناس، هذا عبد صالح أو لا، إذا كان لم يقيد حريتهم، فمبدأ القيود على الحرية هي التي تبين هل هذا عاص، أو طائع، وكيف ستتبين قضية الصلاح والمعصية والطاعة بدون قيود.