المسلم إذا تزوج كتابية، فإنه لا يلزمها بالتخلي عن دينها والدخول في الإسلام، بل لها الحق الكامل في البقاء على ديانتها وحقوق الزوجية محفوظة لها كاملة.

حكم الردة:

عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَرَّقَ قَوْمًا، فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ» وَلَقَتَلْتُهُمْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (?)

الكلام على الردة ينتظم عدة جوانب:

أولها: الإيمان بالإسلام المبني على الإكراه والجبر - غير معتد به - كما سبق - أي أنه لا يدخل الداخل فيه حقيقة إلا إذا كان عن اقتناع ورضا وتبصر، ذلك أن النظرة العاقلة المنصفة تؤكد كمال هذا الدين، وتنزهه عن الباطل، وتحقيقه لحاجات البشر، وتوافقه مع الطبائع السليمة التي فطر الله الناس عليها.

الثاني: في تاريخ الإسلام الطويل لا يكاد يذكر مرتد ارتد عن هذا الدين رغبة عنه وسخطا عليه، وإن وجد فلا يخلو من أحد رجلين، إما أن يكون لمكيدة يقصد بها الصد عن دين الله، كما حصل من بعض اليهود في أول عهد الدعوة حينما تمالأ نفر منهم بأن يؤمنوا أول النهار ثم يكفروا في آخره من أجل إحداث البلبلة في المؤمنين، لأن اليهود أهل كتاب، فإذا حصل منهم هذا يختلج في بعض النفوس الضعيفة أن هؤلاء اليهود لو لم يتبينوا خطأ في هذا الدين الجديد لما رجعوا عنه، فكان مقصودهم الفتنة والصد عن دين الله. قال تعالى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [آل عمران:72]

فعَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ} [آل عمران:72] "فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَعْطَوْهُمُ الرِّضَا بِدِينِهِمْ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَاكْفُرُوا آخِرَهُ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُصَدِّقُوكُمْ وَيَعْلَمُوا أَنَّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمْ فِيهِمْ مَا تَكْرَهُونَ، وَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ يَرْجِعُوا عَنْ دِينِهِمْ"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015