الواقع إلى الآفاق التي لم يكن يطمح إليها الخيال! ويذهب التهديد .. ويتلاشى الوعيد .. ويمضي الإيمان في طريقه. لا يتلفت، ولا يتردد، ولا يحيد! (?)
ـــــــــــ
حرية الانتصار على هوى النفس
وهنالك حرية إنسانية تليق بتكريم الله للإنسان. تلك هي حرية الانتصار على هوى النفس والانطلاق من أسر الشهوة، والتصرف بها في توازن تثبت معه حرية الاختيار والتقدير الإنساني. وهنالك حرية حيوانية، هي هزيمة الإنسان أمام هواه، وعبوديته لشهوته، وانفلات الزمام من إرادته. وهي حرية لا يهتف بها إلا مخلوق مهزوم الإنسانية مستعبد يلبس عبوديته رداء زائفا من الحرية! إن الأول هو الذي ارتفع وارتقى وتهيأ للحياة الرفيعة الطليقة في جنة المأوى. أما الآخر فهو الذي ارتكس وانتكس وتهيأ للحياة في درك الجحيم حيث تهدر إنسانيته، ويرتد شيئا توقد به النار التي وقودها الناس - من هذا الصنف - والحجارة! وهذه وتلك هي المصير الطبيعي للارتكاس والارتقاء في ميزان هذا الدين الذي يزن حقيقة الأشياء .. (?)
ــــــــــــ
العبوديات وصور معاصرة لها:
إنَّ من الناس من يختار أنواعاً من العبودية غير العبودية للبشر الصريحة، ولما فطن أعداء الله إلى الكيفية التي يستعبدون بها البشر أوقعوهم في أنواع من العبوديات غير قضية أن يكون في رقبته غل، ويساق بالسلاسل ليعمل في مزرعة فلان، وحقل فلان، ومصنع فلان، تلك كانت صور سابقة، كانت مشهورة بالعبودية، ولكن ابتكر هؤلاء طرقاً جديدة في فتح أبواب العبودية، بأن يكون الناس عبيداً لأفكارهم بما يهيمنون عليه من وسائل البث، عبيداً لشهواتهم بما يثيرونه فيهم من الغرائز، عبيداً للدرهم والدينار بما يجذبونهم إليه من ألوان، استعباد المال لصاحبه، وهكذا انتشرت حريات هي في الحقيقة عبوديات، حرية