هذا فيجب عليه الانقياد لما أراده الله ورسوله: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) (سورة النور51)؛ولذلك من المبادئ الإسلامية العظيمة لا حرية في فعل المعصية، ويجب التفريق بين الحرية وبين الحرام، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (?)
ولذلك فلا يمكن أن يقال: أن هناك حرية في سب الله، أو أنبيائه ورسله، أو التطاول على ثوابت الدين وأحكامه وشرائعه، وليس هناك حرية في انتقاد أحكام الميراث، أو أحكام الولاية في الإسلام، أو انتقاد أحكام الطلاق، أو أحكام النكاح، ليس هناك حرية في انتقاد ما جاءت به الشريعة من الحدود؛ كحد السرقة، أو حد الزنا، ونحو ذلك، ولا يمكن بحال من الأحوال أن تترك عقوبة الزاني إذا كان راضياً بفعله هو والزانية؛ لأن الله ليس براض، ولا يمكن أن يكون الربا حلالاً إذا كان المرابي والذي يدفع إليه الربا الآخذ والمعطي راضيين، لا يمكن أن يكون حلالاً إذا كانا راضيين؛ لأن الله ليس براض، ولا يمكن أن تكون المرأة حرة في طريقة خروجها، ولباسها، وتبدي ما تشاء من الزينة، وتتبرج، وتتعطر، وتمر على من تشاء من الرجال، وتمشي بأي طريقة في الأسواق، وتخلو بمن تشاء، وتفعل ما تشاء بحجة أنها حرية شخصية؛ لأن الله لا يرضى عن هذا.
ـــــــــــ
العبودية لغير الله تنافي الحرية:
تبين لدينا أن الإسلام إنما جاء من أجل تحرير الإنسان تحريراً شكلياً مادياً من الرق وهو العبودية الصورية، وكذلك تحريره معنوياً وروحياً من كل أشكال العبودية لغير الله تعالى، بل جعل القرآن هذا التحرير المعنوي غاية التوحيد وأصل الدين كما في قوله {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل