أغلب ما تؤول إليه حقيقة الشيء يرتبط بما استأثر الله بعلمه، وهو ما يسمى بالمتشابِه الكليِّ، وهذا لا يمكن وقوع التدبر فيه؛ لأنَّه لا يعلمُه إلاَّ اللهُ، كما سبقَ بيانُه، ومن هنا فالتَّدبُّرُ لا يدخلُ في الغيبيَّاتِ التي استأثرَ اللهُ بعلمها؛ كزمنِ وقوعِ ما أخبرَ اللهُ بوقوعِه أو كيفيَّاتِ هذه المغيَّباتِ.
وبما أنَّ هذا القسم لا يمكنُ أن يقعَ فيه تدبُّرٌ، فإنه ليسَ له مثالٌ يُحكى، واللهُ أعلمُ.
وخلاصة الأمر أنَّ التدبر يقع في المعلوم، وهو معرفة التفسير والاستنباط من القرآن، أما ما لا يدركه العقل من الأمور الغيبية التي استأثر الله بعلمها فالواجب الإيمان بها دون الدخول في اجتهادات لبيانها، وهي مما لا يحصل بيانه من جهة العقل، ومتى وقع طلبها من جهته حصل الانحراف والزيغ في شرع الله.
ويقربُ من معنى التَّدبُّرِ التَّفكُّرُ والتَّذكُّرُ والنَّظرُ والتَّأملُّ والاعتبارُ والاستبصارُ، وقد وردت هذه المعاني في القرآن في مواطن.