«... أنكرَه قومٌ منْ رءوسِ العوامِ، فقالوا: إنَّه لا خُنْثَى، فإنَّ اللهَ تعالى قسَّمَ الخلقَ إلى ذكرٍ وأنثى.
قلنا: هذا جَهْلٌ باللُّغةِ، وغباوةٌ عنْ مَقْطَعِ الفَصَاحَةِ، وقُصُورٌ عن مَعْرِفَةِ سَعَةِ القُدْرَةِ.
أمَّا قدرةُ اللهِ سبحانَهُ، فإنَّه واسعٌ عليمٌ.
وأمَّا ظاهرُ القرآنِ، فلا ينفي وجودَ الخُنْثَى، لأنَّ اللهَ تعالى قال: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [الشورى: 49]، فهذا عمومُ مدحٍ، فلا يجوزُ تخصيصُه؛ لأنَّ القدرةَ تقتضيه.
وأمَّا قولُه: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: 49، 50]، فهذا إخبارٌ عن الغالبِ في الموجوداتِ، وسكت عن ذكر النَّادرِ؛ لدخوله تحت عمومِ الكلامِ الأوَّلِ. والوجودُ يشهدُ له، والعيانُ يُكَذِّبُ منكرَه» (?).