بعد أن بَانَ حدُّ التفسيرِ، وعلمتَ أنَّ كثيراً مما في كتب التفسيرِ قد يكون خارجاً عن حدِّ البيانِ؛ ككثيرٍ من اللطائفِ والمُلَحِ العلميةِ، والنِّكاتِ البلاغيةِ، والاستنباطاتِ العلميةِ من فقه وآدابٍ وتربوياتٍ وهداياتٍ قرآنيةٍ وغيرِها، فاعلمْ أنَّ من أهمِّ ما هو خارجٌ عن البيانِ، ومن أنفعِه للناس بعد التفسير = علمُ الاستنباطِ من القرآنِ الذي لا حدَّ له، وقد يفتح الله على عبادِه في عصرٍ ما لم يفتحْهُ على من قبلَهم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
تدورُ مادَّةُ «نَبَطَ» على أصلٍ واحدٍ، وهو استخراجُ شيءٍ (?)، والألف والسين والتاء في استنبط تدلُّ على تطلُّبِ الشيءِ لأجلِ حصولِه، وكأنَّ فيها معنى التَّكلُّفِ في إعمالِ العقلِ الذي يحتاجُه المستنبطُ حال الاستنباطِ، واللهُ أعلمُ.
قال الطَّبريُّ (ت:310): «وكلُّ مستخرجٍ شيئاً كان مستتراً عن العيون أو عن معارف القلوبِ، فهو له مستنبطٌ،