ولأضرب لك مثالاً يتضح به هذا المقال:
في المراد بالشاهد في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الأحقاف: 10]، قولان عن السلف:
الأول: أنَّ الشاهد عبد الله بن سلام، وهو الوارد عن سعد بن أبي وقاص (ت:55)، وعبد الله بن سلام (ت:43)، وابن عباس (ت:68)، ويوسف بن عبد الله بن سلام، ومجاهد (ت:104)، والضحاك (ت:105)، وقتادة (ت:117)، وابن زيد (ت:182).
الثاني: أنَّ الشاهد موسى عليه السلام، وهذا قول مسروق بن الأجدع (نحو: 63) والشَّعبي (ت:103)، واحتجَّا بأنَّ السورة مكيَّة، وشأن عبد الله بن سلام (ت:43) كان بالمدينة، وإنما هي مُحَاجَّةٌ لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم على قومه.
وإذا تأمَّلت هذا الخلاف وجدتَ أنَّ قول مسروقٍ (ت: نحو: 63) والشعبي (ت:103) أنسب للسياق، وهو الأَولى لأنه يجعل الآية مكيةً في سورة مكيةٍ، ولا يُخرَجُ عن هذا إلا بدليل، وهذا يجعلك تميل إلى هذا القول. لكن يصرفك عنه أنَّ قول الجمهورِ على خلافِه، وفيهم ثلاثة من