للمستغفرين والتائبين لأنه واسع الرحمة. بمعنى أنه يغفر لمن تاب إليه وأناب رحمة منه لهذا العبد، لأنه لو لم يرحمه ويتداركه بمغفرته لهلك وخسر. ولهذا يشير قوله تعالى: {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (الأعراف آية 23) وقوله: {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (هود آية 47) .

ومن ثم لما سأل الصديق أبو بكر رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته دله على صيغة تتضمن طلب المغفرة والرحمة من الله الغفور الرحيم ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه قال: "يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي". فقال: "قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم".

وروى البخاري عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: "سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. من قالها في ليلة فمات في ليلته دخل الجنة، ومن قالها في يومه فمات دخل الجنة".

واقترن اسم (الغفور) كذلك باسم (الحليم) ست مرات1، واقترانه به يفيد أن الله سبحانه لا يعاجل بالعقوبة عبده الذي يعصيه، بل يمهله، فإن استمر على كفره وعناده أخذه أخذ عزيز مقتدر. وقد جاء في الصحيحين: أن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} (هود آية 102) . وأما إذا أقلع العبد عما هو فيه من كفر وعصيان، ورجع إلى الله وتاب، فإن الله تعالى يتوب عليه، لذا يقول تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً} (النساء آية 110) .

واقترن اسم (الغفور) كذلك باسم (الشكور) ثلاث مرات2 واقترانه به يفيد - كما أسلفت في بيان اسم (الشكور) سبحانه أنه جل وعلا يغفر لعباده الكثير من السيئات، ويشكر لهم اليسير من الحسنات، وهذا من أعظم الفضل وأوسع الرحمة لعباده، إنه - عز وجل- بهم رءووف رحيم.

واقترن اسم (الغفور) كذلك باسم (العفوّ) أربع مرات3 واقترانه به يفيد أنه سبحانه يعفو كثيرا عما قصر فيه عباده من أوامره وما ارتكبوه من المعاصي إذا رجعوا إليه - سبحانه وأنابوا، وتابوا مما وقعوا فيه، ويغفر لهم ذنوبهم حسبما قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر آية 53) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015