فيختارون الإمام؟ ألا يؤثر هذا في ميزانهم؟ ثم إذا كانوا هم الذين سيعودون فيرشحون الإمام؟ ألا تكون لهم ولاية عليه وهو الإمام الأعظم؟ ثم ألا يجعله هذا يختار أشخاصا يضمن ولاءهم له، ويكون هذا هو العنصر الأول في اعتبار ه؟ ...
وأسئلة أخرى كثيرة لا يجدون لها جوابا في هذه المتاهة! أنا أعرف نقطة البدء في هذه المتاهة .. إنها هي افتراض أن هذا المجتمع الجاهلي الذي نعيش فيه مجتمع مسلم وأن قواعد النظام الإسلامي وأحكامه الفقهية سيجاء بها لتطبق على هذا المجتمع الجاهلي بتركيبه العضوي الحاضر، وبقيمة وأخلاقه الحاضرة! هذه نقطة البدء في المتاهة .. ومتى بدأ منها الباحث فإنه يبدأ في فراغ، ويوغل في هذا الفراغ، حتى يبعد في التيه، وحتى يأخذه الدوار! إن هذا المجتمع الجاهلي الذي نعيش فيه ليس هو المجتمع المسلم، ومن ثم لن يطبق فيه النظام الإسلامي ولن تطبق فيه الأحكام الفقهية الخاصة بهذا النظام .. لن تطبق لاستحالة هذا التطبيق الناشئة من أن قواعد النظام الإسلامي وأحكامه الفقهية لا يمكن أن تتحرك في فراغ لأنها بطبيعتها لم تنشأ في فراغ، ولم تتحرك في فراغ كذلك! إن المجتمع الإسلامي ينشأ بتركيب عضوي آخر غير التركيب العضوي للمجتمع الجاهلي .. ينشأ من أشخاص ومجموعات وفئات جاهدت - في وجه الجاهلية - لإنشائه وتحددت أقدارها وتميزت مقاماتها في ثنايا تلك الحركة.
إنه مجتمع جديد .. ومجتمع وليد .. ومجتمع متحرك دائما في طريقه لتحرير «الإنسان»، .. كل الإنسان .. في «الأرض» .. كل الأرض .. من العبودية لغير اللّه، ولرفع هذا الإنسان عن ذلة العبودية للطواغيت .. أيا كانت هذه الطواغيت ..
ومثل قضية التزكية وطلب الإمارة، واختيار الإمام، واختيار أهل الشورى ... وما إليها ... قضايا كثيرة تثار، ويطرقها الباحثون في الإسلام .. في الفراغ .. في هذا المجتمع الجاهلي الذي نعيش فيه .. بتركيبه العضوي المختلف تماما عن التركيب العضوي للمجتمع المسلم .. وبقيمة وموازينه واعتبارات ه وأخلاقه ومشاعره وتصوراته المختلفة تماما عن قيم المجتمع المسلم وموازينه واعتبارات ه وأخلاقه ومشاعره وتصوراته .. أعمال البنوك وأساسها الربوي .. شركات التأمين وقاعدتها الربوية .. تحديد النسل وما أدري