على آدم - كما سيجيء -: «فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ» .. وهو عهوده الكثيرة في الرسالات لكل قوم أن يعبدوا اللّه وحده، وأن يحكموا في حياتهم منهجه وشريعته .. وهذه العهود كلها هي التي ينقضها الفاسقون.

وإذا نقض عهد اللّه من بعد ميثاقه، فكل عهد دون اللّه منقوض. فالذي يجرؤ على عهد اللّه لا يحترم بعده عهدا من العهود.

«وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ» .. واللّه أمر بصلات كثيرة .. أمر بصلة الرحم والقربى. وأمر بصلة الإنسانية الكبرى. وأمر قبل هذا كله بصلة العقيدة والأخوة الإيمانية، التي لا تقوم صلة ولا وشيجة إلا معها .. وإذا قطع ما أمر اللّه به أن يوصل فقد تفككت العرى، وانحلت الروابط، ووقع الفساد في الأرض، وعمت الفوضي.

«وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ» .. والفساد في الأرض ألوان شتى، تنبع كلها من الفسوق عن كلمة اللّه، ونقض عهد اللّه، وقطع ما أمر اللّه به أن يوصل. ورأس الفساد في الأرض هو الحيدة عن منهجه الذي اختاره ليحكم حياة البشر ويصرفها.

هذا مفرق الطريق الذي ينتهي إلى الفساد حتما، فما يمكن أن يصلح أمر هذه الأرض، ومنهج اللّه بعيد عن تصريفها، وشريعة اللّه مقصاة عن حياتها. وإذا انقطعت العروة بين الناس وربهم على هذا النحو فهو الفساد الشامل للنفوس والأحوال، وللحياة والمعاش وللأرض كلها وما عليها من ناس وأشياء.

إنه الهدم والشر والفساد حصيلة الفسوق عن طريق اللّه .. ومن ثم يستحق أهله أن يضلهم اللّه بما يهدي به عباده المؤمنين. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015