وقال تعالى: {واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} (163) سورة الأعراف

فأما كيف وقع لهم هذا، وكيف جعلت الأسماك تحاورهم هذه المحاورة، وتداورهم هذه المداورة ..

فهي الخارقة التي تقع بإذن اللّه عند ما يشاء اللّه .. والذين لا يعلمون ينكرون أن تجري مشيئة اللّه بغير ما يسمونه هم «قوانين الطبيعة»! والأمر في التصور الإسلامي - وفي الواقع - ليس على هذا النحو .. إن اللّه سبحانه هو الذي خلق هذا الكون، وأودعه القوانين التي يسير عليها بمشيئته الطليقة. ولكن هذه المشيئة لم تعد حبيسة هذه القوانين لا تملك أن تجري إلا بها .. لقد ظلت طليقة بعد هذه القوانين كما كانت طليقة .. وهذا ما يغفل عنه الذين لا يعلمون .. وإذا كانت حكمة اللّه ورحمته بعباده المخاليق قد اقتضت ثبات هذه القوانين فإنه لم يكن معنى هذا تقيد هذه المشيئة وانحباسها داخل هذه القوانين .. فحيثما اقتضت الحكمة جريان أمر من الأمور مخالفا لهذه القوانين الثابتة جرت المشيئة طليقة بهذا الأمر .. ثم إن جريان هذه القوانين الثابتة في كل مرة تجري فيها إنما يقع بقدر من اللّه خاص بهذه المرة. فهي لا تجري جريانا آليا لا تدخل لقدر اللّه فيه .. وهذا مع ثباتها في طريقها ما لم يشأ اللّه أن تجري بغير ذلك .. وعلى أساس أن كل ما يقع - سواء من جريان القوانين الثابتة أو جريان غيرها - إنما يقع بقدر من اللّه خاص، فإنه تستوي الخارقة والقانون الثابت في جريانه بهذا القدر .. ولا آلية في نظام الكون في مرة واحدة - كما يظن الذين لا يعلمون! - ولقد بدأوا يدركون هذا في ربع القرن الأخير (?)!

على أية حال، لقد وقع ذلك لأهل القرية التي كانت حاضرة البحر من بني إسرائيل .. فإذا جماعة منهم تهيج مطامعهم أمام هذا الإغراء، فتتهاوى عزائمهم، وينسون عهدهم مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015