قال تعالى: «إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ. وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ. وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ. وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى. ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» ..
إن هذه الرحلة في بطون الأمهات هي مرحلة في الطريق الطويل. تليها مرحلة الحياة خارج البطون. ثم تعقبها المرحلة الأخيرة مرحلة الحساب والجزاء. بتدبير المبدع العليم الخبير.
واللّه - سبحانه - غني عن العباد الضعاف المهازيل. إنما هي رحمته وفضله أن يشملهم بعنايته ورعايته. وهم من هم من الضعف والهزال! «إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ» .. فإيمانكم لا يزيد في ملكه شيئا. وكفركم لا ينقص منه فتيلا. ولكنه لا يرضى عن كفر الكافرين ولا يحبه: «وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ» .. «وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ» .. ويعجبه منكم، ويحبه لكم، ويجزيكم عليه خيرا.
وكل فرد مأخوذ بعمله، محاسب على كسبه ولا يحمل أحد عبء أحد. فلكل حمله وعبؤه: «وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» .. والمرجع في النهاية إلى اللّه دون سواه ولا مهرب منه ولا ملجأ عند غيره:
«ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» .. ولا يخفى عليه من أمركم شيء: «إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» .. هذه هي العاقبة. وتلك هي دلائل الهدى. وهذا هو مفرق الطريق .. ولكل أن يختار. عن بينة. وعن تدبر. وبعد العلم والتفكير .. (?)