قال تعالى: «أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ... ؟» .. هذا هو مفتاح الشر كله .. أن يزين الشيطان للإنسان سوء عمله فيراه حسنا. أن يعجب بنفسه وبكل ما يصدر عنها. ألا يفتش في عمله ليرى مواضع الخطأ والنقص فيه، لأنه واثق من أنه لا يخطئ! متأكد أنه دائما على صواب! معجب بكل ما يصدر منه! مفتون بكل ما يتعلق بذاته. لا يخطر على باله أن يراجع نفسه في شيء، ولا أن يحاسبها على أمر. وبطبيعة الحال لا يطيق أن يراجعه أحد في عمل يعمله أو في رأي يراه. لأنه حسن في عين نفسه. مزين لنفسه وحسه. لا مجال فيه للنقد، ولا موضع فيه للنقصان! هذا هو البلاء الذي يصبه الشيطان على إنسان وهذا هو المقود الذي يقوده منه إلى الضلال. فإلى البوار! إن الذي يكتب اللّه له الهدى والخير يضع في قلبه الحساسية والحذر والتلفت والحساب. فلا يأمن مكر اللّه.
ولا يأمن تقلب القلب. ولا يأمن الخطأ والزلل. ولا يأمن النقص والعجز. فهو دائم التفتيش في عمله. دائم الحساب لنفسه. دائم الحذر من الشيطان. دائم التطلع لعون اللّه.
وهذا هو مفرق الطريق بين الهدى والضلال، وبين الفلاح والبوار.
إنها حقيقة نفسية دقيقة عميقة يصورها القرآن في ألفاظ معدودة: «أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً» .. إنه نموذج الضال الهالك البائر الصائر إلى شر مصير. ومفتاح هذا كله هو هذا التزيين. هو هذا الغرور. هو هذا الستار الذي يعمي قلبه وعينه فلا يرى مخاطر الطريق. ولا يحسن عملا لأنه مطمئن إلى حسن عمله وهو سوء. ولا يصلح خطأ لأنه واثق أنه لا يخطئ! ولا يصلح فاسدا لأنه مستيقن أنه لا يفسد! ولا يقف عند حد لأنه يحسب أن كل خطوة من خطواته إصلاح! إنه باب الشر. ونافذة السوء. ومفتاح الضلال الأخير ..
ويدع السؤال بلا جواب .. «أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً؟» .. ليشمل كل جواب. كأن يقال: أفهذا يرجى له صلاح ومتاب؟ أفهذا كمن يحاسب نفسه ويراقب