وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» (40:العنكبوت) .. فهذا هو مصير الذين كفروا بآيات اللّه وكذّبوا رسله، وإلى مثل هذا المصير يصير أولئك الذين كذّبوا رسول اللّه وآذوه، ووقفوا منه ومن دعوته هذا الموقف العنادىّ المغرق فى العناد والضلال ..

وفى هذا تطمين للمسلمين، وتثبيت لأقدامهم، وأنهم على طريق النصر، إذا هم صبروا واتقوا، وأن أعداءهم إلى البوار والهلاك إن أصرّوا على ما هم عليه من شرك وضلال .. واللّه سبحانه وتعالى يقول: «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ» (51:غافر) .. ويقول سبحانه: «كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ» (31:المجادلة) ثم تمتلىء أسماع المسلمين وقلوبهم بعد هذا بقوله تعالى: «هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ».

. فيرجعون إلى هذا البيان الذي استقبلتهم به تلك الآيات، وهم على مشارف المعركة والالتحام بعدوّهم، ويرتلون هذا البيان مرة بعد مرة، فيخلص إليهم منه فى كل مرة ما يزيد إيمانهم إيمانا ويقينهم يقينا، وإذا هم يمضون إلى المعركة فى ثقة وطمأنينة، وفى إصرار على كسب المعركة وبلوغ النصر!

وتدور المعركة، وتهبّ ريح النصر على المسلمين، وفى لحظة خاطفة يرون أنهم كسبوا المعركة، فألقى كثير منهم السلاح، وأقبل على الغنائم ينتزعها من بين يدى العدو قبل أن يفرّ بها! ولكن سرعان ما تتبدل الأمور، وتسكن ريح النصر، ويقع المسلمون ليد أعدائهم، فيقتلون منهم نحو سبعين قتيلا .. وينكشف الرسول، إذ تتناثر الكتيبة التي حوله، بين قتيل، وجريح، ومهزوم .. ويثبت الرسول الكريم مع فئة قليلة من أصحابه، ويخلص إليه من سهام العدوّ أذى كثير، حتى لتشجّ رأسه، وتنكسر ثنيّته، وينادى منادى المشركين: أن محمدا قتل!! وهنا يستبدّ الهول والفزع بالمسلمين، وتكاد تنتهى المعركة بالهزيمة القاصمة، لولا أن نادى منادى الرسول: أن رسول اللّه هنا فى المعركة، يقاتل المشركين .. فتثوب إلى المسلمين ألبابهم الشاردة، ويجتمعون إلى رسول اللّه، ويصمدون معه فى ردّ عدوان المعتدين ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015