وأهل الكتاب لم يعبدوا الأحبار والرهبان ولكن اتبعوا شرعهم وتركوا شريعة اللّه. فسماهم اللّه عبادا لهم وسماهم مشركين .. وهذه اللفتة هنا ملحوظ فيها ذلك المعنى الدقيق. فهم عبدوا الطاغوت .. أي السلطات الطاغية المتجاوزة لحقها .. وهم لم يعبدوها بمعنى السجود لها والركوع، ولكنهم عبدوها بمعنى الاتباع والطاعة. وهي عبادة تخرج صاحبها من عبادة اللّه ومن دين اللّه (?).

واللّه - سبحانه - يوجه رسوله - صلى الله عليه وسلم - لمجابهة أهل الكتاب بهذا التاريخ، وبذلك الجزاء الذي استحقوه من اللّه على هذا التاريخ .. كأنما هم جيل واحد بما أنهم جبلة واحدة .. يوجهه ليقول لهم: إن هذا شر عاقبة: «قُلْ: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ».

أي شر من نقمة أهل الكتاب على المسلمين، وما يكيدون لهم وما يؤذونهم بسبب إيمانهم. وأين نقمة البشر الضعاف من نقمة اللّه وعذابه، وحكمه على أهل الكتاب بالشر والضلال عن سواء السبيل: «أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً، وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ» (?) ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015