وهي مرادف الألوهية - سواء ادعوها كأفراد، أو كتشكيلات تشريعية، أو كشعوب. فالأفراد، كالتشكيلات، كالشعوب، ليست آلهة، فليس لها إذن حق الحاكمية .. إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية، وارتدت عن لا إله إلا اللّه. فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية. ولم تعد توحد اللّه، وتخلص له الولاء ..

البشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات: «لا إله إلا اللّه» بلا مدلول ولا واقع .. وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد - من بعد ما تبين لهم الهدى - ومن بعد أن كانوا في دين اللّه! فما أحوج العصبة المسلمة اليوم أن تقف طويلا أمام هذه الآيات البينات! ما أحوجها أن تقف أمام آية الولاء: «قُلْ: أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ؟ قُلْ: إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ، وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» .. ذلك لتعلم أن اتخاذ غير اللّه وليا - بكل معاني «الولي» .. وهي الخضوع والطاعة، والاستنصار والاستعانة .. يتعارض مع الإسلام، لأنه هو الشرك الذي جاء الإسلام ليخرج منه الناس .. ولتعلم أن أول ما يتمثل فيه الولاء لغير اللّه هو تقبل حاكمية غير اللّه في الضمير أو في الحياة .. الأمر الذي تزاوله البشرية كلها بدون استثناء. ولتعلم أنها تستهدف اليوم إخراج الناس جميعا من عبادة العباد إلى عبادة اللّه وحده وأنها تواجه جاهلية كالتي واجهها رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - والجماعة المسلمة حين تلقي هذه الآيات ..

وما أحوجها أن تستصحب في مواجهتها للجاهلية تلك الحقائق والمشاعر التي تسكبها في القلب المؤمن الآيات التالية: «قُلْ: إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ. مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ، وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ. وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ، وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ» ..

فما أحوج من يواجه الجاهلية بطاغوتها وجبروتها، وبإعراضها وعنادها، وبالتوائها وكيدها، وبفسادها وانحلالها .. ما أحوج من يواجه هذا الشر كله، أن يستصحب في قلبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015