من ولاء يهود بعد ما بدا منهم ما بدا. لأنه قلب مؤمن فخلع ولاء اليهود وقذف به، حيث تلقاه وضم عليه صدره وعض عليه بالنواجذ عبد اللّه بن أبي بن سلول!
إنهما نهجان مختلفان، ناشئان عن تصورين مختلفين، وعن شعورين متباينين، ومثل هذا الاختلاف قائم على مدار الزمان بين قلب مؤمن وقلب لا يعرف الإيمان!
ويهدد القرآن المستنصرين بأعداء دينهم، المتألبين عليهم، المنافقين الذين لا يخلصون للّه اعتقادهم ولا ولاءهم ولا اعتمادهم .. يهددهم برجاء الفتح أو أمر اللّه الذي يفصل في الموقف أو يكشف المستور من النفاق: «فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ، فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ».وعندئذ - عند الفتح - سواء كان هو فتح مكة أو كان الفتح بمعنى الفصل أو عند مجيء أمر اللّه - يندم أولئك الذين في قلوبهم مرض، على المسارعة والاجتهاد في ولاء اليهود والنصارى وعلى النفاق الذي انكشف أمره، وعندئذ يعجب الذين آمنوا من حال المنافقين، ويستنكرون ما كانوا فيه من النفاق وما صاروا إليه من الخسران!
«وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا: أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ؟ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ، فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ!» ..
ولقد جاء اللّه بالفتح يوما، وتكشفت نوايا، وحبطت أعمال، وخسرت فئات. ونحن على وعد من اللّه قائم بأن يجيء الفتح، كلما استمسكنا بعروة اللّه وحده وكلما أخلصنا الولاء للّه وحده. وكلما وعينا منهج اللّه، وأقمنا عليه تصوراتنا وأوضاعنا. وكلما تحركنا في المعركة على هدى اللّه وتوجيهه. فلم نتخذ لنا وليا إلا اللّه ورسوله والذين آمنوا (?).
.. إن هذه القضية التي عرضها السياق القرآني في هذه الآيات .. قضية الولاء والتوحيد والمفاصلة .. هي قضية هذه العقيدة وهي الحقيقة الكبرى فيها. وإن العصبة المؤمنة اليوم لخليقة بأن تقف أمام هذا الدرس الرباني فيها وقفة طويلة ..