. تختلف فيما بينها كلها. ولكنها تختلف كلها مع الإسلام. ولا حلف بينها وبين الإسلام ولا ولاء ...

والمسلم يتعامل مع أهل الكتاب هؤلاء وهو مطالب بإحسان معاملتهم - كما سبق - ما لم يؤذوه في الدين ويباح له أن يتزوج المحصنات منهن - على خلاف فقهي فيمن تعتقد بألوهية المسيح أو بنوته، وفيمن تعتقد التثليث أهي كتابية تحل أم مشركة تحرم - وحتى مع الأخذ بمبدأ تحليل النكاح عامة .. فإن حسن المعاملة وجواز النكاح، ليس معناها الولاء والتناصر في الدين وليس معناها اعتراف المسلم بأن دين أهل الكتاب - بعد بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - هو دين يقبله اللّه ويستطيع الإسلام أن يقف معه في جبهة واحدة لمقاومة الإلحاد! إن الإسلام قد جاء ليصحح اعتقادات أهل الكتاب كما جاء ليصحح اعتقادات المشركين والوثنيين سواء.

ودعاهم إلى الإسلام جميعا، لأن هذا هو «الدين» الذي لا يقبل اللّه غيره من الناس جميعا. ولما فهم اليهود أنهم غير مدعوين إلى الإسلام، وكبر عليهم أن يدعوا إليه، جابههم القرآن الكريم بأن اللّه يدعوهم إلى الإسلام، فإن تولوا عنه فهم كافرون! والمسلم مكلف أن يدعو أهل الكتاب إلى الإسلام، كما يدعو الملحدين والوثنيين سواء. وهو غير مأذون في أن يكره أحدا من هؤلاء ولا هؤلاء على الإسلام. لأن العقائد لا تنشأ في الضمائر بالإكراه. فالإكراه في الدين فوق أنه منهي عنه، هو كذلك لا ثمرة له.

ولا يستقيم أن يعترف المسلم بأن ما عليه أهل الكتاب - بعد بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - هو دين يقبله اللّه .. ثم يدعوهم مع ذلك إلى الإسلام! .. إنه لا يكون مكلفا بدعوتهم إلى الإسلام إلا على أساس واحد هو أنه لا يعترف بأن ما هم عليه دين. وأنه يدعوهم إلى الدين.

وإذا تقررت هذه البديهية، فإنه لا يكون منطقيا مع عقيدته إذا دخل في ولاء أو تناصر للتمكين للدين في الأرض، مع من لا يدين بالإسلام.

إن هذه القضية في الإسلام قضية اعتقادية إيمانية. كما أنها قضية تنظيمية حركية! من ناحية أنها قضية إيمانية اعتقادية نحسب أن الأمر قد صار واضحا بهذا البيان الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015