مفرق الطريق بين العمل الذي يرضي الله والذي يغضبه

قال تعالى: «لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ. إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ. وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ، فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً» ..

لقد تكرر في القرآن النهي عن النجوى وهي أن تجتمع طائفة بعيدا عن الجماعة المسلمة وعن القيادة المسلمة، لتبيت أمرا .. وكان اتجاه التربية الإسلامية واتجاه التنظيم الإسلامي كذلك أن يأتي كل إنسان بمشكلته أو بموضوعه، فيعرضه على النبي - صلى الله عليه وسلم - مسارة إن كان أمرا شخصيا لا يريد أن يشيع عنه شيء في الناس. أو مساءلة علنية إن كان من الموضوعات ذات الصبغة العامة، التي ليست من خصوصيات هذا الشخص.

والحكمة في هذه الخطة، هو ألا تتكون «جيوب» في الجماعة المسلمة وألا تنعزل مجموعات منها بتصوراتها ومشكلاتها، أو بأفكارها واتجاهاتها. وألا تبيت مجموعة من الجماعة المسلمة أمرا بليل، وتواجه به الجماعة أمرا مقررا من قبل أو تخفيه عن الجماعة وتستخفي به عن أعينها - وإن كانت لا تختفي به عن اللّه وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول.

وهذا الموضع أحد المواضع التي ورد فيها هذا النهي عن التناجي والتبييت بمعزل عن الجماعة المسلمة وقيادتها ..

ولقد كان المسجد هو ندوة الجماعة المسلمة، تتلاقى فيه وتتجمع للصلاة ولشؤون الحياة. وكان المجتمع المسلم كله مجتمعا مفتوحا تعرض مشكلاته - التي ليست بأسرار للقيادة في المعارك وغيرها والتي ليست بمسائل شخصية بحتة لا يحب أصحابها أن تلوكها الألسن - عرضا عاما. وكان هذا المجتمع المفتوح من ثم مجتمعا نظيفا طلق الهواء. لا يتجنبه ليبيت من وراء ظهره، إلا الذين يتآمرون عليه! أو على مبدأ من مبادئه - من المنافقين غالبا - وكذلك اقترنت النجوى بالمنافقين في معظم المواضع.

وهذه حقيقة تنفعنا. فالمجتمع المسلم يجب أن يكون بريئا من هذه الظاهرة، وأن يرجع أفراده إليه وإلى قيادتهم العامة بما يخطر لهم من الخواطر، أو بما يعرض لهم من خطط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015