مفرق الطريق بين تحمل المؤمنين لمصاعب الجهاد وتحمل الكافرين

بلمسة قوية عميقة التأثير في التشجيع على الجهاد في سبيل اللّه في وجه الآلام والمتاعب التي تصيب المجاهدين. وذلك في تصوير ناصع لحال المؤمنين المجاهدين، وحال أعدائهم المحاربين على مفرق الطريق: «وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ .. إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ. وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ .. »

وبهذا التصوير يفترق طريقان ويبرز منهجان ويصغر كل ألم، وتهون كل مشقة. ولا يبقى مجال للشعور بالضنى وبالكلال .. فالآخرون كذلك يألمون. ولكنهم يرجون من اللّه ما لا يرجون! ويرسم هذا الدرس - بجملة الموضوعات التي يعالجها، وبطرائق العلاج التي يسلكها - ما كان يعتمل في جسم الجماعة المسلمة، وهي تواجه مشاق التكوين الواقعية ومشكلات التكوين العملية. وما كان يشتجر في النفوس من عوامل الضعف البشري ومن رواسب الماضي الجاهلي، ومن طبيعة الفطرة البشرية وهي تواجه التكاليف بمشاقها وآلامها مع ما يصاحب هذه المشاق والآلام من أشواق ومن تطلع إلى الوفاء كذلك يستثيرها المنهج الحكيم، ويستجيشها في الفطرة لتنهض بهذا الأمر العظيم.

ونرى ذلك كله مرتسما من خلال الوصف للواقع ومن خلال التشجيع والاستجاشة ومن خلال المعالجة للمخاوف الفطرية والآلام الواقعية ومن خلال التسليح في المعركة بالصلاة! وبالصلاة خاصة - إلى جانب التسلح بالعدة واليقظة - وبالثقة في ضمانة اللّه للمهاجرين، وثوابه للمجاهدين، وعونه للخارجين في سبيله، وما أعده للكافرين من عذاب مهين.

ونرى طريقة المنهج القرآني الرباني في التعامل مع النفس البشرية في قوتها وضعفها وفي التعامل مع الجماعة الإنسانية في أثناء تكوينها وإنضاجها. ونرى شتى الخيوط التي يشدها منها في الوقت الواحد وفي الآية الواحدة ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015