قال تعالى: «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» .. وفقنا إلى معرفة الطريق المستقيم الواصل ووفقنا للاستقامة عليه بعد معرفته .. فالمعرفة والاستقامة كلتاهما ثمرة لهداية اللّه ورعايته ورحمته. والتوجه إلى اللّه في هذا الأمر هو ثمرة الاعتقاد بأنه وحده المعين. وهذا الأمر هو أعظم وأول ما يطلب المؤمن من ربه العون فيه. فالهداية إلى الطريق المستقيم هي ضمان السعادة في الدنيا والآخرة عن يقين .. وهي في حقيقتها هداية فطرة الإنسان إلى ناموس اللّه الذي ينسق بين حركة الإنسان وحركة الوجود كله في الاتجاه إلى اللّه رب العالمين.
ويكشف عن طبيعة هذا الصراط المستقيم: «صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ» ..
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمُ: الْيَهُودُ، وَالضَّالُّونَ: النَّصَارَى (?). قَالَ: أَبُو سعيد: وَلا أَعْلَمُ بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذَا الْحَرْفِ اخْتِلافًا" (?)
وعَنْ سِمَاكِ بن حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بن حُبَيْشٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بن حَاتِمٍ، قَالَ: جَاءَتْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ رُسُلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَقْرَبٍ، فَأَخَذُوا عَمَّتِي وَنَاسًا، فَلَمَّا أَتَوْ بِهِمُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صُفُّوا لَهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَأَى الْوَافِدُ وَانْقَطَعَ الْوَلَدُ وَأَنَا عَجُوزٌ كَبِيرٌ وَمَا بِيَ مِنْ خِدْمَةٍ، فَمُنَّ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ، قَالَ:"وَمَنْ وَافِدُكِ؟ "قَالَتْ: عَدِيُّ بن حَاتِمٍ، قَالَ:"أَيِ الَّذِي فَرَّ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ"،قَالَتْ: فَمُنَّ عَلَيَّ، فَلَمَّا رَجَعَ وَرَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ تَرَى أَنَّهُ عَلِيٌّ، فَقَالَ: سَلِيهِ حُمْلانًا، قَالَتْ: فَسَأَلْتُهُ، فَأَمَرَ بِأَتَانٍ، فَقُلْتُ: لَقَدْ فَعَلْتِ فَعْلَةً مَا كَانَ أَبُوكِ يَفْعَلُهَا، فَقَالَتِ: ائْتِهِ رَاغِبًا أَوْ رَاهِبًا، فَقَدْ أَتَاهُ فُلانٌ، فَأَصَابَ مِنْهُ وَأَتَاهُ فُلانٌ، فَأَصَابَ مِنْهُ، فَأَتَيْتُهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ امْرَأَةٌ وَصَبِيَّانِ أَوْ صَبِيٌّ، فَذَكَرَ قُرْبَهُمْ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،فَعَرَفَتْ أَنَّهُ لَيْسَ مَلِكَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فَقَالَ:"يَا عَدِيُّ مَا أَفَرَّكَ أَنْ يُقَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَهَلْ مِنْ إِلَهٍ إِلا اللَّهُ مَا أَفَرَّكَ أَنْ يُقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ أَكْبَرُ